الشاعر العباسي ابن القارح: مسيرة إبداعه وأثره الأدبي

نشأة وحياة ابن القارح

هو علي بن منصور بن طالب الحلبي، المعروف بلقب دوخلة وكنيته أبو الحسن، وقد وُلِد في مدينة حلب عام 351 هجري. قام بعدة رحلات تعليمية بارزة، أبرزها إلى مصر والشام حيث تلقى تعليمه. تميز بشغفه بالأدب، فكان حافظاً للأشعار وناقلًا للأخبار، بالإضافة إلى معرفته العميقة بقواعد النحو واللغة العربية.

أهم شيوخ وتلاميذ ابن القارح

درس ابن القارح على يد أبي عبدالله بن خالويه، كما كان يتردد إلى منزل أبي الحسين المغربي بحثاً عن المزيد من العلم. بعد وفاة شيخه، قرر السفر إلى بغداد حيث التقى بعالم اللغة المعروف أبا علي الفارسي. ولكن رحلته في طلب المعرفة لم تنتهِ هنا، فقد انتقل بعدها إلى مصر وهناك لازم أبا الحسن المغربي بشكلٍ دائم، مما يدل على حرصه الكبير على التعلم.

أما عن تلاميذه، فقد كان معلماً لأبي القاسم المغربي الذي شغل منصب الوزارة في بغداد، ورغم ذلك فقد انتقد ابن القارح المغربي بأبيات شعرية، قائلاً:

لقبت بالكمال ستراً على

نقصك كالباني على الخص

فصرت كالكنف إذا شيدت

بيض أعلاهن بالجص

يا عرة الدنيا بلا غرة

ويا طويس الشؤم والحرص

قتلت أهليك وأنهبت بيـ

ت الله بالموصل تستعصي.

رسالة ابن القارح

يُقال إن سبب كتابة ابن القارح لهذه الرسالة يعود إلى أن أبا الفرج الزهرجي، أحد أدباء مصر، قد كلف ابن القارح بتسليم رسالة إلى أبي العلاء المعري، إلا أن الرسالة ضاعت أو سُرقت. فعوضها ابن القارح برسالة جديدة من تأليفه.

تميزت رسالته بأسلوب إخواني مسجوع مع تداخل الشعر والنثر، مما يعكس معرفته العميقة في علوم البلاغة. كما كتب ابن القارح بفخر، متقدماً على بعض الأدباء الكبار مثل أبو الطيب المتنبي، الذي تأثر به أبو العلاء المعري بشكل بالغ.

رد أبو العلاء المعري على رسالة ابن القارح برسالة روائية تُدعى “رسائل الغفران”، حيث جعل معري القصة رحلة خيالية يقوم ببطولتها ابن القارح، محاورًا مجموعة من الأدباء في الآخرة، ويصف مشهد لقائهم يوم القيامة ورحلة ابن القارح من الحياة الدنيا إلى العالم الآخر.

آراء الأدباء حول ابن القارح

فيما يلي بعض الآراء البارزة حول ابن القارح:

  • رأي أبو العلاء المعري:

“هو الذي هجا أبا القاسم بن علي بن حسين المغربي”.

  • رأي ياقوت الحموي:

نقل ياقوت الحموي آراء أدباء عصره، مؤيداً لتصريحاتهم حيث قال: “كان راويةً للأخبار، حافظًا لجزء كبير من اللغة والأشعار، وقوماً بالنحو”.

  • رأي إحسان عباس:

ذكر إحسان عباس أن ابن القارح كان متفنناً في اللغة والأدب دون أن يُنقد لذلك، كما أوضح تقلباته المتكررة بين أصدقائه.

نماذج من أشعار ابن القارح

يُعتبر ابن القارح من أبرز أدباء عصره، حيث برع في الشعر والأدب ولديه العديد من القصائد، منها:

لقبت بالكمال ستراً على

نقصك كالباني على الخص

فصرت كالكنف إذا شيدت

بيض أعلاهن بالجص

ياعرة الدنيا بلا غرة

ويا طويس الشؤم والحرص

قتلت أهليك وأنهبت بي

ت الله بالموصل تستعصي.

وقال أيضًا:

إذا الكسروي بدا مقبلاً

وفي يده ذيل درّاعتهْ

وقد لبس العجب مستنوكاً

يتيه ويختال في مشيتهْ.

وقال أيضاً:

لقد أشبهتني شمعة في صبابتي

وفي طول ما ألقى وما أتوقعُ

نحول وحرق في فناء ووحدة

وتسهيد عين واصفرار وأدمعُ.

Published
Categorized as روايات عربية