يُعرف الحلاج، وهو الحسين بن منصور الحلاج، بلقب أبي المغيث. يُعتبر من أبرز الفلاسفة والمتعبدين والزهاد في التاريخ، وتعود جذوره إلى بيضاء فارس. وُلد الحلاج في واسط بالعراق أو في تستر، ثم انتقل إلى البصرة وحجّ إلى الديار المقدسة. بعد ذلك دخل بغداد، ليعود مرة أخرى إلى تستر. في عام 299 هـ، بدأ اسمه يُعرف في الأوساط الإسلامية، حيث كان يتنقل بين البلدان لنشر معتقداته في التوحيد والعبادة الخفية. اتبعه العديد من المريدين، وشهد له الناس بزهده وقلة الأكل وكثرة الصلاة والصيام على مدار العام. يُعتبر الحلاج أحد تلاميذ الجنيد.
ترك الحلاج وراءه إرثاً غنياً من الكتابات، حيث يُذكر أنه ألّف حوالي ستة وأربعين كتاباً، من بينها: طاسين الأزل، والجوهر الأكبر، والشجرة النورية، والظل الممدود، والماء المسكوب، والحياة الباقية، وقرآن القرآن، والفرقان، وكذلك السياسة والخلفاء والأمراء، وعلم البقاء والفناء، ومدح النبي، والمثل الأعلى، والقيامة والقيامات، والكبريت الأحمر، والوجود الأول والثاني، واليقين، وتوحيد الله.
قدم الحلاج مجموعة من القصائد الشعرية، ومن أبرز أبياته:
ما لامني فيك أحبابي وأعدائي
إلّـا لغفلتهم عن عظـم بلوائــــي
تركتُ للناس دنياهم ودينهم
شغلاً بحبـّك يا ديني و دنيائــــي
أشعلتَ في كبدي نارين واحدة
بين الضلوع و أخرى بين أحشائــي
تزايدت الشائعات والأقاويل ضد الحلاج حتى وصلت إلى مسامع الخليفة المقتدر العباسي، مما أدى إلى أمره بالقبض عليه وسجنه وتعذيبه. تم قطع أطرافه الأربعة، ثم أُعدم وحُزّ رأسه، وتم إحراق جثته وأُلقي رمادها في نهر دجلة، ويُقال إن رأسه نُصب على جسر بغداد. يُعتبر مقتل الحلاج حدثاً مهماً في تاريخ بغداد، حيث وُلِد عام 309 هـ، وكان علماء عصره قد اتفقوا على قرار قتله بسبب ما نُسب إليه من الكفر والزندقة. كان القاضي أبو عمر محمد بن يوسف المالكي من الداعين إلى تنفيذ الحكم، حيث قام بعقد جلسة خاصة أصدرت الحكم بالإعدام. نُفذ حكم الإعدام يوم الثلاثاء في شهر ذي القعدة عام 309 هـ، وعندما أُخرج الحلاج لتنفيذ الحكم اجتمع حوله الناس لرؤيته، فخاطبهم بأنه سيعود إليهم بعد ثلاثين يوماً.
أحدث التعليقات