يعتبر ابن الحاج النميري واحداً من أبرز الشعراء في العصر الأندلسي. هو إبراهيم بن عبد الله بن إبراهيم، المعروف بأبو القاسم النميري أو ابن الحاج. وُلد في القرن الرابع عشر، وكان أديباً وكاتباً بارزاً، حيث اشتهر بشعره، وأعماله في أدب الرحلات. كما لعب دوراً مهماً في السياسة في ذلك الزمن، حيث قام الأمراء بتعيينه سفيراً.
وُلِدَ ابن الحاج النميري في عام 1313م، الموافق لعام 713 هجرياً، في مدينة غرناطة بالأندلس. تلقى تعليمه في فنون الكتابة في دار الإنشاء، ثم انتقل إلى المشرق العربي لأداء فريضة الحج عام 1333م. بعد ذلك، أقام في تونس فترة من الزمن وعمل في خدمة ملوك بجاية، كما خدم سلطان المغرب الأقصى في تلك الحقبة.
لم يستطع ابن الحاج الابتعاد عن الأندلس لفترة طويلة، فعاد إليها مجدداً، حيث عُيِّن من قبل أحد الأمراء في مهمات دبلوماسية إلى الملوك. تولى منصب ديوان القضاء في إقليم الحضرة. في عام 1366م، تم إرساله كسفير من مدينة المرية إلى السلطان أحمد بن موسى في تلمسان، ولكنه وقع أسيراً في يد مجموعة من الإفرنج، وعلى الرغم من خطورته، قام السلطان بفديته بمبلغ كبير. توفي ابن الحاج النميري في عام 1367م عن عمر يناهز 54 عاماً.
خلف ابن الحاج النميري مجموعة من المؤلفات القيمة. ومن أبرز أعماله:
يحتوي ديوان ابن الحاج النميري على العديد من القصائد التي تعكس جماليات الشعر العربي الأندلسي. إليكم بعض القصائد:
من قصائد ابن الحاج الشهيرة نذكر قصيدة “يا خير ملكٍ سما”، وفيما يلي بعض أبياتها:
يَا خَيْرَ مَلْكٍ سَمَا بِأَرْضِ أَنْدَلُسٍ وَلِلْجِهَادِ بِهَا نَحْوَ العُدَاةِ مَشَى
وأَفْضَلَ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ بِهَا وَالشَّاغِلَ الرُّومَ عَنْ أَسَائِهِمْ دَهَشَا
وَأَكْرَمَ العَادِلِينَ النَّاصِرِينَ لَهَا نَصْراً قُلُوبُ العِدَى بِالرُّعْبِ مِنْهُ حَشَا
بُشْرَاكَ بِالفَتْحِ وَالنَّصْرِ العَزِيزِ وَمَا أَحْرَزْتَ مِنْ شَرَفٍ فِي العَالَمِينَ فَشَا
ومن قصائده أيضاً “يا ثالث القمرين أنت المعجز”، وفيما يلي مطلعها:
يَا ثَالِثَ الْقَمَرَيْنِ أَنْتَ الْمُعْجِزُ حُسْناً وَأَنْتَ لِذَا وَذَاكَ مُعَزَّزُ
لِلَّهِ طَيْفُكَ إِذْ أَلَمَّ وَلِلدُّجَى بُرْدٌ بِإِيمَاضِ البُرُوقِ مَطَرَّزُ
وَالشُّهْبُ تَجْنَحُ لِلْغُرُوبِ كَأَنَّهَا أَسْرَارُ حُبٍّ خَوْفَ وَاشٍ تَرْمُزُ
حَتَّى بَدَا الصُّبْحُ الْمُنِيرُ كَرَايَةٍ بَيْضَاءَ فِي هَضَبَاتِ نَجْدٍ تَرْكُزُ
تتضمن قصائد ابن الحاج أيضًا “قصيدة هنيئًا كما حيا الحيا أوجه الزهر”، وفيما يلي مطلعها:
هَنِيئاً كَمَا حَيَّا الْحَيَا أَوْجُهَ الزَّهْرِ وَبُشْرَى كَمَا جَلَّى الدُّجَى وَضَحُ الْفَجْرِ
وَنُعْمَى أَتَتْ تَتْرَى كَمَا وَافَتِ الصَّبَا فَجَرَّتْ ذُيُولَ الرَّوْضِ عَاطِرَةَ النَّشْرِ
وَحُسْنَى أَتَتْ فِي إِثْرِ حُسْنَى كَمَا أَتَى إِلَى الرَّوْضِ إِثْرَ الغَيْثِ مُنْسَكِبُ النَّهْرِ
وَإِقْبَالُ مَلْكٍ رَاقَ بِالْعِزِّ تَاجُهُ كَمَا رَاقَ تَاجُ الأُفْقِ بِالأَنْجُمِ الزُّهْرِ
أحدث التعليقات