تُعَدُ السنن المؤكدة هي تلك الأفعال التي واظب النبي -عليه الصلاة والسلام- على أدائها بشكل دوري، حيث لم يتركها إلا في الحالات النادرة خوفًا من أن تفرض على أمته. ويتعلق الأمر بالسنن المؤكدة الراتبة المرتبطة بالصلوات الخمس، والتي تبلغ اثنتي عشرة ركعة إضافةً إلى الفريضة. كما ورد عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم-: (مَن صَلَّى في يَوْمٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَجْدَةً تَطَوُّعًا، بُنِيَ له بَيْتٌ في الجَنَّةِ). وفيما يلي تفصيل هذه السنن وغيرها من السنن المؤكدة:
تُعتبر هاتان الركعتان من أشد السنن المؤكدة. فقد أورد الإمام البخاري في صحيحه عن عائشة -رضي الله عنها-: (لم يكن النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم على شيءٍ من النوافل أشدَّ منه تعاهدًا على ركعتي الفجر).
ورد عن أم حبيبة -رضي الله عنها- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (من ركع أربع ركعات قبل الظهر وأربعًا بعدها، حرّم الله عز وجل لحمه على النار، فما تركتهن منذ سمعتهن).
ذُكر أيضًا عن أم حبيبة -رضي الله عنها- أن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال: (مَن حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربعٍ بعدها حُرِّمَ على النار).
قال النبي -صلّى الله عليه وسلّم-: (من ثابر على اثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة دخل الجنة، أربعًا قبل الظهر، ورَكعتينِ بعدَها، ورَكعتينِ بعدَ المغربِ، ورَكعتينِ بعدَ العشاءِ، ورَكعتينِ قبلَ الفجرِ).
قد اتفق العلماء على تأكيد سنيّة صلاة التراويح. حيث أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قوله: (مَن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه)، ويُشير قيام رمضان هنا إلى صلاة التراويح.
تُعتبر صلاة الخسوف من الصلوات التي تؤدى لأسباب معينة؛ حيث قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُم ذلكَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ).
صلاة الاستسقاء تُعتبر سنة مؤكدة، حيث ورد عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صلّى الله عليه وسلّم-: (صلى ركعتين كما يصلي في العيدين).
تتعدد السنن المؤكدة التي ثبتت شرعًا في غير مجال الصلاة، ومن أبرزها:
اختلف الفقهاء حول حكم الختان للذكور، فقد ذهب الحنفية والمالكية إلى القول بسنيته، وذلك استنادًا إلى قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (الفطرة خمس: الختان، والاستحداد، وقص الشارب، وتقليم الأظافر، ونتف الآبطين)، حيث ذكر النبي -عليه الصلاة والسلام- الختان من بين سنن أخرى، مما يشير إلى عدم وجوبه، بينما خالفهم الشافعية والحنابلة ورأوا أنه واجب.
يذهب جمهور العلماء من الشافعية والمالكية والحنابلة إلى تأكيد سنيّة الأضحية، مستدلين بكلام النبي -عليه الصلاة والسلام-: (إذا دخلت العشر، وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يمس من شعره وبشره شيئًا)، حيث يدل تعليق الذبح بالإرادة على الوجوب. في حين أن الحنفية يرون وجوب الأضحية، مستندين إلى الأمر الوارد في قوله تعالى: (فصل لربك وانحر).
أحدث التعليقات