تعتبر المقامة نوعاً أدبياً يتمحور حول أحداث تدور في مكان واحد، وهي عبارة عن قصة قصيرة تتميز بالاختصار، حيث تعتمد على الكدية، أي الاستعطاء، وتختلف في حجمها. تجمع المقامة بين عناصر الشعر والنثر، ويكون بطلها شخصية وهمية. في هذه المقالة، سنستعرض معًا مزيداً من التفاصيل حول خصائص المقامة.
تُكتب المقامة عادةً بأسلوب قصصي متميز في اختيار الألفاظ والأساليب، ويتواجد فيها راوي محدد وبطل ثابت. يتميز البطل ببلاغته وموهبته في إقناع الآخرين من خلال إبهارهم بتفوقه ومهاراته؛ لذا تُعتبر المقامة نوعاً من الأدب البليغ.
تتمتع المقامة البغدادية بعدد من الخصائص الفنية، منها ما يلي:
تتميز المقامة البغدادية بسرد قصصي خيالي يعتمد على خيال الكاتب في صنع أحداثها وشخصياتها، حيث تنبثق الأحداث لتصل إلى الحبكة وتنفرج، وقد وقعت أحداث هذه المقامة في منطقة الكرخ ببغداد.
يُعتبر عيسى بن هشام بطل القصة، حيث تتسلسل الأحداث حول محاولته الإيقاع بأحد الأشخاص المحتاجين باستخدام الحيلة، مما يرمز إلى القيم السلبية التي كانت تعاني منها المجتمع العباسي نتيجة انتشار الفساد. تتصاعد الأحداث حتى تصل إلى ذروة التوتر عندما يخرج البطل المحتال من مطعم الشواء، ما يدفع الشخص المعني لدفع ثمن الطعام ليكتشف بعد ذلك أنه وقع في فخ المحتال.
برز الحوار بين البطل عيسى بن هشام والشخص المحتاج، مما كشف عن بساطة الشخص الثاني وسذاجته. وتضمن الحوار أيضاً تفاعلات بين البطل وصاحب مطعم الشواء الذي تمحور حديثه حول لذّة الطعام، ما أدى إلى تشويش فكر الشخص المحتاج. كذلك، تمظهرت المحادثات بين صاحب المطعم والشخص المحتاج التي كشفت عن العنف والقسوة رغم كونها مختصرة.
تعددت المشاهد التي تم الاعتماد فيها على الوصف، وخاصة لوصف الطعام والحلويات والماء. كما جاء في قوله: “ثم أتينا شواء يتقاطر شواؤه عرقًا، وتتسايل جوذاباته مرقًا”.
امتازت المقامة البغدادية بفن الخداع الذي استخدمه البطل لتحقيق غايته في تناول الطعام والشراب على حساب الشخص المحتاج.
حملت المقامة البغدادية طابعاً أدبياً يُعتمد فيه على السخرية كوسيلة نقدية، مُستهدفةً التعليم من خلال الفكاهة والضحك.
كمثال لما يحمل معاني صعبة، نجد في قوله: “زن لأبي زيد من اللوزينج رطلين فهو أجرى في الحلوق”. وأيضاً في قوله: “تتسايل جوذاباته مرقًا”.
تشمل بعض صور البديع في المقامة ما يلي:
اشْتَهَيْتُ الأَزَاذَ، وأَنَا بِبَغْدَاذ.
يسوق بالجهد حمارك، ويطرف بالعقد إزاره.
لَيِسَ مَعْي عَقْدٌ عَلى نَقْدٍ.
مددت يد البدار، إلى الصدار.
هَلُمَّ إِلى البَيْتِ نُصِبْ غَدَاءً، أَوْ إِلَى السُّوقِ نَشْتَرِ شِواءً، وَالسُّوقُ أَقْرَبُ، وَطَعَامُهُ أَطْيَبُ.
رَقِيقَ القِشْرِ، كَثِيفِ الحَشْو.
أشابٌّ كعهدي؟ أم شاب بعدي؟
ومن أمثلة الصور الفنية المتعددة:
أحدث التعليقات