أُولي العزم من الرسل يُعرَفون بأنهم يمثلون قمة الحزم والصبر، وذلك استنادًا إلى قوله تعالى: (فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ). وقد سُموا بهذا الاسم بسبب قوتهم في الدين وحرصهم على الالتزام بأوامر الله تعالى، بالإضافة إلى بلاغهم للدين بشكل متكامل، مما يميزهم عن باقي الأنبياء. إنهم يمثلون العزم والقوة في سبيل تطبيق رسالة الله، ويعتبرون الأفضل بين سائر الرسل، حيث ورد في القرآن قوله تعالى: (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ). ويبلغ عددهم خمسة، وقد ذُكروا في عدة آيات.
أُولي العزم من الرسل هم خمسة، وقد تم ذكرهم في قوله تعالى: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا). وأسماؤهم هي: محمد -عليه الصلاة والسلام-، نوح، موسى، إبراهيم، وعيسى -عليهم السلام-. وقد ذهب بعض العلماء إلى اعتبار أنهم جميع الرسل ما عدا يونس -عليه السلام-، كما جاء في قوله تعالى: (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ). كما قيل إن آدم -عليه السلام- ليس منهم استنادًا إلى قوله تعالى: (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْل فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا). وهذا الأمر موضع جدل بين العلماء، حيث تتعدد الآراء بخصوص تحديدهم، لكن الرأي الشائع هو أنهم هم الخمسة المذكورين سابقًا.
تعد الأنبياء متساوين من حيث النبوة، ولكن يظهر التفاضل بينهم في مجالات مثل الخصائص والكرامات. فمن بينهم من هو نبي ومنهم من هو رسول، وكذلك أُولي العزم من الرسل. وقد وردت أدلة في القرآن والسنة تثبت هذا التفاضل، مثل قوله تعالى: (وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا)، وأيضًا في السنة حيث قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (فُضِّلْتُ عَلَى الأنبياء بِسِتٍّ: أُعْطِيتُ جَوامعَ الكَلِمِ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ، وأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ، وَجُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ طَهُورًا ومَسْجِدًا، وَأُرْسِلْتُ إلى الخَلْقِ كافَّةً، وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ).
إن الرسل يتفوقون على الأنبياء، في حين تُعتبر أُولي العزم أفضل الرسل. على سبيل المثال، فُضَل داود -عليه السلام- بكتاب الزبور، وموسى -عليه السلام- بالتوراة. وعُرف نوح -عليه السلام- بالعبد الشكور، بينما يعتبر آدم -عليه السلام- أبًا للبشر، حيث اصطفاه الله -تعالى- وخلقه بيده، ونفخ فيه من روحه، وأمر الملائكة بالسجود له. أما عيسى -عليه السلام- فهو رسول الله وكلمته التي ألقاها إلى أمه، وهو روح منه. وقد يكون التفاضل حاصلًا من ناحية النبوة والعبودية أو من حيث الملك، حيث يُفضَّل النبي غير الملك على النبي الملك. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يُقاس التفاضل بعدد أتباعهم وكراماتهم الخاصة التي أنعم الله عليهم بها.
أحدث التعليقات