الذئبة الحمراء وتأثيرها على الجهاز التنفسي

الذئبة الحمراء وتأثيراتها على الجهاز التنفسي

تُعتبر الذئبة الحمراء من الأمراض المزمنة التي قد تتسبب في ظهور مجموعة من المشكلات الصحية المتعلقة بالجهاز التنفسي، تتطلب هذه المشاكل أحيانًا تدخلًا طبيًا عاجلًا. حيث يمكن أن تُسبب الذئبة التهاب المصلية (بالإنجليزية: Serositis)‏، وهو التهاب يؤثر على الغشاء الذي يغطي الأعضاء الداخلية، مثل القلب والرئتين. إن ترك هذه المشكلات دون علاج قد يؤدي إلى تفاقمها وتعرض حياة المريض للخطر.

عدوى الجهاز التنفسي العلوي

المعروف أن مرضى الذئبة يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى الجهاز التنفسي العلوي، مثل الرشح والإنفلونزا. يُنسب ذلك إلى تثبيط جهاز المناعة نتيجة لتناول أدوية الستيرويد (بالإنجليزية: Steroid)‏ وأدوية أخرى مثبطة للمناعة. حاليًا، يتم تشخيص هذه العدوى بشكل سريع باستخدام التكنولوجيا المتاحة، حيث يتم أخذ مسحة أنفية للمريض وتحليلها للتأكد مما إذا كانت العدوى بكتيرية أو فيروسية، إذ يعتمد العلاج المناسب على السبب المباشر للعدوى.

الإصابة بالالتهاب الرئوي الحاد

الالتهاب الرئوي (بالإنجليزية: Pneumonitis) هو حالة التهاب أو عدوى تصيب أنسجة الرئة. وهناك سببان رئيسيان وراء تطور الالتهاب الرئوي الحاد لدى مرضى الذئبة:

  • العدوى البكتيرية: يعد الالتهاب الرئوي الحاد نتيجة للإصابة بعدوى بكتيرية. كما ذُكر سابقًا، فإن مرضى الذئبة أكثر عرضة لمخاطر الإصابة بهذا النوع من العدوى نتيجة استخدامهم للأدوية التي تثبط جهاز المناعة. في كثير من الأحيان، يمكن أن تسبب البكتيريا التي تُعتبر غير ضارة لدى الأفراد الأصحاء مشاكل خطيرة لمن يعانون من الذئبة.
  • التأثير المباشر للذئبة: يُشير إلى كيفية تأثير الذئبة الحمراء مباشرة على أنسجة الرئة، مما يؤدي إلى الالتهاب الرئوي الحاد. في مثل هذه الحالات، يجب أن يتم العلاج بشكل يركز على تعزيز تثبيط نشاط الجهاز المناعي. لذلك، من الضروري الحصول على تشخيص دقيق من قبل الطبيب لضمان تحقيق نتائج علاجية أفضل.

الالتهاب الرئوي المزمن

بينما يحدث الالتهاب الرئوي الحاد بشكل سريع، يتطور الالتهاب الرئوي المزمن ببطء على مدى سنوات عديدة. قد يتعرض بعض مرضى الذئبة الذين يعانون من التهاب رئوي مزمن إلى نوبات من التهاب رئوي حاد في مرحلة ما من حياتهم. عادة، لا يشعر المرضى المصابون بالالتهاب الرئوي المزمن بأعراض أولية، لأن ظهور هذه الأعراض يستغرق وقتًا طويلاً. يُنصح المرضى الذين يعانون من أي ألم في الصدر أو صعوبة في التنفس بإخبار طبيبهم خلال زياراتهم المنتظمة، إذ يمكن أن يسهم ذلك في تشخيص التهاب الرئة المزمن مبكرًا، مما يزيد من احتمالية العلاج الفعال.

التهاب الجنبة

التهاب الجنبة، المعروف أيضًا باسم ذات الجنب (بالإنجليزية: Pleurisy or Pleuritis)، هو التهاب يؤثر على الغشاء المحيط بالرئتين، ويُعتبر من المشاكل الشائعة الناتجة عن تأثير الذئبة على الرئتين. تشمل الأعراض الشائعة لالتهاب الجنبة ألمًا حادًا يشبه الطعن في منطقة معينة من الصدر، والذي قد يزداد سوءًا عند التنفس العميق أو عند السعال أو العطس. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يتسبب التهاب الجنبة في ضيق التنفس، وفي بعض الحالات، قد يؤدي إلى تجمع كميات غير طبيعية من السوائل بين الرئتين وجدار الصدر، وفي حالة تسرب هذه السوائل إلى خارج هذه المنطقة، يُعرّف ذلك بالانصباب الجنبي أو الارتشاح البلوري (بالإنجليزية: Pleural effusion).

المرض الرئوي الخلالي المنتشر

النسيج الخلالي (بالإنجليزية: Interstitium) هو النسيج الضام الذي يشكل الهيكل الداعم للحويصلات الهوائية (بالإنجليزية: Alveoli) في الرئتين. المرض الذي يؤثر على هذا النسيج يُطلق عليه اسم المرض الرئوي الخلالي (بالإنجليزية: Interstitial lung disease). بشكل طبيعي، تملأ الحويصلات الهوائية بالأكسجين أثناء الشهيق، ثم يدخل الأكسجين إلى مجرى الدم بينما يُطرد ثاني أكسيد الكربون خلال الزفير. لكن عند الإصابة بالمرض الرئوي الخلالي المنتشر، يحدث التهاب في الرئة مما يمنع الحويصلات الهوائية من التوسع بشكل كاملة. مع تقدم المرض، تصبح جدران الحويصلات الهوائية أكثر سمكًا، مما يعوق قدرتها على أداء وظيفتها كما ينبغي. من الأعراض التي قد تظهر في هذا المرض السعال الجاف، وضيق التنفس أثناء الراحة، والذي قد يتفاقم عند بذل جهد.

فرط ضغط الدم الرئوي

الجانب الأيمن من القلب هو المسؤول عن ضخ الدم إلى الرئتين للحصول على الأكسجين، ثم يعود الدم المحمل بالأكسجين إلى الجانب الأيسر من القلب لينتقل لبقية الجسم. عند إصابة الشخص بفرط ضغط الدم الرئوي (بالإنجليزية: Pulmonary Hypertension)، تزداد سماكة جدران الأوعية الدموية التي تنقل الدم من القلب إلى الرئتين، مما يقلل من كمية الدم المتدفق عبر هذه الأوعية خلال فترة معينة. وبالتالي، يحتاج القلب إلى العمل بقوة أكبر لضخ الدم، وعندما يفشل القلب في متابعة هذا الجهد, تصبح كمية الأكسجين الواصلة إلى الأنسجة أقل وتعرف هذه الحالة بنقص التأكسج (بالإنجليزية: Hypoxia).

متلازمة الأجسام المضادة للفوسفولبيد

تمثل متلازمة الأجسام المضادة للفوسفولبيد (بالإنجليزية: Antiphospholipid syndrome) إحدى الأمراض المناعية التي تؤدي إلى تكوين الجلطات الدموية بشكل متكرر في الشرايين والأوردة، وكذلك تسبب الإجهاض لدى النساء الحوامل. عن طريق إنتاج الجسم بروتينات تُعرف باسم الأجسام المضادة للفوسفولبيد، تهاجم هذه البروتينات أنسجة الجسم وتؤثر بصورة سلبية على عملية التخثر الطبيعية، مما يؤدي إلى زيادة فرصة الإصابة بجلطات دموية. والجدير بالذكر أن مرض الذئبة الحمراء يُعتبر من الأمراض المرتبطة بهذه المتلازمة، ولكنها قد تحدث أيضًا لدى الأفراد الأصحاء.

الانصمام الرئوي

الانصمام الرئوي (بالإنجليزية: Pulmonary embolism) هو انسداد مفاجئ في أحد الشرايين الرئيسية في الرئة caused by a blood clot. في معظم الأحيان، تكون هذه الجلطات صغيرة وغير مميتة، ولكن يمتلكون القدرة على إلحاق الضرر بالرئة. إذا كانت الجلطة كبيرة، فقد توقف تدفق الدم إلى الرئة مما قد يؤدي إلى الوفاة. من الضروري تقديم الإسعافات الأولية للمريض في الوقت المناسب، وذلك لتقليل المخاطر على حياته. تشمل الأعراض الشائعة للانصمام الرئوي ما يلي:

  • ضيق التنفس المفاجئ.
  • ألم حاد في الصدر يزداد سوءًا مع السعال أو عند أخذ نفس عميق.
  • السعال مع مخاط مشبع بدم وردي اللون.

النزيف الرئوي

يُعد النزيف الرئوي من الحالات الطبية الحرجة التي تتطلب عناية طبية فورية، إذ إن له عواقب خطيرة قد تؤدي إلى تهديد حياة المريض. يؤدي النزيف إلى انسداد مجرى الشعب الهوائية مما يحفز المريض على السعال في محاولة للتخلص من الدم. إذا كانت كمية الدم كبيرة، قد يتسبب ذلك في انخفاض مستويات الأكسجين في الجسم. يُلاحظ أن بعض حالات النزيف الرئوي قد لا تترافق مع سعال دموي أو يظهر بكميات قليلة.

متلازمة تقلص الرئة

تعتبر متلازمة تقلص الرئة complication نادرة للذئبة الحمراء تسبب ضيق تنفس غير مبرر، وغالبًا ما تُظهر اختبارات وظائف الرئة أنماطًا متكررة مع ارتفاع في موقع الحجاب الحاجز.

خلاصة عن مرض الذئبة الحمراء

الذئبة الحمراء، أو ما يعرف بالذئبة الحمامية المجموعية (بالإنجليزية: Systemic lupus erythematosus)، هي مرض التهابي مزمن يحدث نتيجة لمهاجمة جهاز المناعة للأنسجة والأعضاء في الجسم. بينما يقوم جهاز المناعة في الوضع الطبيعي بحماية الجسم ضد العدوى، فإن الذئبة تسبب في هجوم خطأ على الأنسجة مما يؤدي إلى تضررها. تتأثر عدة أنظمة في جسم الإنسان بسبب هذا الالتهاب، بما في ذلك المفاصل، الجلد، الكلى، خلايا الدم، الدماغ، القلب والرئتين.

من المهم أن نعلم أن تأثير مرض الذئبة يتفاوت من فرد لآخر، وتختلف شدة الأعراض التي قد تظهر وقد تكون بين خفيفة وشديدة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تظهر أعراض الذئبة في فترات معينة وقد تهدأ أو تختفي في أوقات أخرى. تُعرف فترات ظهور الأعراض بالتفاقم. بالرغم من تكن الذئبة من الأمراض المزمنة، إلا أن هناك أدوية متاحة يمكن أن تخفف من الأعراض، بالإضافة إلى أهمية اتباع نمط حياة صحي والرعاية مع مقدمي الصحة. يُلاحظ أيضًا أن الذئبة قد تؤدي غالبًا إلى مشاكل في الكلى، مما قد يسبب تلفاً وتهديداً لفشل الكلى، وفي بعض الحالات، قد تفضي الذئبة إلى الوفاة.

Published
Categorized as الصحة والطب