قبل ظهور الإسلام، كان أغلب العرب يمارسون الوثنية، حيث ذكر القرآن الكريم أنهم كانوا يشركون بالله ويعبدون الأصنام والأوثان كرموز لآلهتهم. ومن المثير للاهتمام أن بعضهم كان يؤمن بوجود قوى خفية في الحيوانات والطيور وبعض الأجسام غير الحية. كما كان هناك من يعبد النجوم والكواكب، مما كان مستمدًا من معتقدات الصابئة والكلدانيين أو من بعض قبائل عرب الجنوب.
بالإضافة إلى ذلك، قدس العرب النار في الجاهلية، وكانوا يشعلونها خلال احتفالاتهم، وإذا تأخر المطر، كانوا يستسقون ويُقدمون القرابين. وقد عُرفت بعض القبائل، مثل قبيلة تميم، بديانة المجوسية، وكان أفرادها يؤمنون بإلهين عظيمين يحكمان العالم: النور والظلام، أو الخير والشر.
فيما يتعلق بمعظم القبائل الأخرى، فقد كانت تعبد الأصنام وتقوم بنحت الصخور لتكون رموزًا لها. على سبيل المثال، كان إله قبيلة غطفان هو “العزى”، وهي شجرة تقع في وادي نخلة شرق مكة. وعندما جاء الإسلام، قام خالد بن الوليد بقطعها وهو يردد: “يا عز كفرانك لا سبحانك، إني رأيت الله قد أهانك”. وقد أشار الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم إلى بعض الأصنام التي كانت تُعبد في تلك الفترة، بقوله تعالى: {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى*وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى}.
كان العرب في الحجاز والجنوب يعبدون “اللات”، وكانوا يطلقون أسماء مثل “عبد اللات” و”عبد العزى” على أبنائهم. أما “مناة”، فكانت صخرة متواجدة بين مكة والمدينة، واعتُبرت ذات أهمية كبيرة لدى العديد من القبائل مثل الأوس والخزرج وهذيل، حيث كانت هذه القبائل تؤدي مناسك الحج، ولا يحلقون رؤوسهم إلا عند “مناة”، إذ اعتقدوا أن حجهم لا يُعتبر صحيحًا بدون ذلك.
هناك العديد من القبائل التي كانت تعبد آلهة مختلفة، وتم ذكرها في القرآن الكريم أيضًا، حيث يقول تعالى: {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا}. كان “ودّ” معروفًا لدى عرب الجنوب، وكان يقع في دومة الجندل، ويشكل مع “اللات” و”العزى” ما يُعرف بالثالوث: الأب والأم والابن. وقد استمر صنم “ودّ” موجودًا حتى ظهور الإسلام.
“سواع” كان الصنم المعبود لدى قبيلة هذيل وكنانة وبعض عشائر مضر، ورمز لإله الشر والهلاك. بينما “يغوث” عُرف عند هوازن ومذحج بمعنى “المعين”. أما “يعوق”، فكان الصنم المقدس لدى قبائل همدان وخولان ومواليهم، ويُعتبر الإله الذي يحفظ ويمنع.
من جهة أخرى، كان “نسر” هو الصنم المعبود لدى قبيلة حمير، وقد انتشرت عبادته في الشمال، ويشير اسمه إلى طائر النسر. كل هذه الأصنام ليست سوى نماذج من المعبودات التي كانت معروفة في العصر الجاهلي، حيث يُقال إنه عند فتح مكة كان هناك حوالي ثلاثمائة وستون صنمًا حول الكعبة، وكان “هبل” هو أعظمها لدى قبيلة قريش، وقد اتخذ شكل إنسان مع وجود يد مكسورة.
كان العرب يقيمون أنصابًا من الحجارة قرب هذه الأصنام ويُقدمون القرابين لها، مع توقيرٍ كبيرٍ، معتقدين أنها سكن للأرواح. كما ورد في القرآن الكريم قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
كانت الكعبة بمثابة بيت مقدس عند العرب، حيث كان يتوجه إليها الناس من كل جهة. وقد ذكر العديد من الشعراء الجاهليين مناسك الحج في قصائدهم، بينما خصص العرب ثلاثة أشهر حرم لأداء الحج وهي: ذو القعدة، وذو الحجة، ومحرّم، حيث كان يُمنع فيها سفك الدماء وقطع الطرق. وكان يتم تنظيم موسم الحج من خلال مؤسسات، حيث كانت كل قبيلة تتولى جانباً مختلفاً من جوانب الحج، مثل مؤسسة الرفادة، والسقاية، والإجازة.
تمكن النصارى من إدخال المسيحية إلى شبه الجزيرة العربية، واعتنقتها بعض القبائل مثل الغساسنة والمناذرة، كما كانت هناك قبائل في شرق الجزيرة مثل البحرين وعمان وعدن تدين بها أيضاً. وعلى الرغم من وجود المسيحية كواحدة من الديانات التي تتواجد في شبه الجزيرة العربية بالإضافة إلى الوثنية واليهودية وعبادة الكواكب وبعض الظواهر الطبيعية، جاء الإسلام ليُنهي كافة أشكال العبادة ويُكرس العبادة لله وحده دون شريك.
أحدث التعليقات