يتساءل الكثيرون عن الحكمة وراء ذبح إسماعيل عليه السلام. وفيما يلي نستعرض ثلاث حكم أساسية من أمر الله -سبحانه وتعالى- لنبي الله إبراهيم بذبح ابنه:
طلب نبي الله إبراهيم -عليه السلام- من ربه أن يرزقه غلامًا، وعندما منح الله له إسماعيل، أحبّه إبراهيم حبًا كبيرًا. ومع كونه خليل الله، كان من الواجب أن يفضّل حب الله على حب ابنه. وقد جاء أمر الله -تعالى- بإسماعيل أن يُذبح، فما كان من إبراهيم إلا الاستجابة، وعند قيامه بذبح ابنه، تجلّى له أن محبة الله وعبوديته تفوق حبَّه لإسماعيل. وبذلك، أنهى الله -تعالى- هذا الموقف بفداء إسماعيل بكبش عظيم.
عندما جاء أمر الله -سبحانه وتعالى- لإبراهيم بذبح ابنه، لم يتردد به أبداً. بل توجه إلى إسماعيل وأبلغه بما رأى في رؤياه، وكانت هذه اللحظة اختبارًا لكل منهما. سارعت استجابة إبراهيم -عليه السلام- للأمر، حيث يقول الله -عز وجل-: (وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى). كما أبدى إسماعيل -عليه السلام- صبره الكبير على هذا الامتحان وما زاد موقفهما قوة هو تعاون إسماعيل مع والده والامتثال لأمر الله.
كانت السيدة سارة تشعر بالغيرة من هاجر، والدة إسماعيل. ومع قدوم إسماعيل، تضاعفت مشاعر الغيرة لدى سارة، إذ أحبّه أبوه كثيرًا. عندئذٍ، أوحى الله -تعالى- لنبيه إبراهيم بأن يأخذ هاجر وابنها إلى مكة، تخفيفًا لمشاعر سارة. وهذا يعد من فضل الله ورحمته بها. وأيضًا، جاء الأمر بذبح ابن هاجر بدلاً من ابن سارة، ليحول مشاعر الغيرة إلى رحمة وحب. أما هاجر، فقد جبر الله -سبحانه وتعالى- خاطرها بجعل ذلك الاختبار تكريمًا لها ولإسماعيل، وتحويل معاناتهما إلى أماكن تنطلق منها عبادات يدخلها المسلمون من كل الأرجاء.
يجب أن ندرك أن أمر الله -سبحانه وتعالى- لنبيه إبراهيم بذبح ابنه يحمل حكمًا يعرفها الله وحده، إذ أراد أن يحقق عبوديته في قلب إبراهيم، ويعلم الناس أهمية المسارعة لطاعته، حتى ولو كانت الأوامر تتعارض مع رغباتهم الشخصية. كما كان في ذلك رحمة بسارة وهاجر.
ترد قصة ذبح إسماعيل في سورة الصافات، حيث نستعرض القصة كما جاءت في القرآن الكريم والسنة النبوية:
رأى نبي الله إبراهيم -عليه السلام- أنه يذبح ابنه إسماعيل في المنام، وهذه الرؤية تعتبر وحيًا حقًا من الله. كان هذا الاختبار الخاص بإبراهيم، الذي جاءه إسماعيل بعد سنين طويلة من الانتظار. استجاب إبراهيم للأمر الإلهي وتوكل على الله، حيث أخبر إسماعيل برؤياه قائلاً: (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى). وكان رد إسماعيل، استجابةً لأمر ربه، بأن قال له: (قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّـهُ مِنَ الصَّابِرِينَ).
استسلم إبراهيم -عليه السلام- وأيضًا إسماعيل لأمر الله -تعالى- وبدآ بتنفيذه. وعندما حان وقت الذبح، وضع إبراهيم ولده على وجهه حتى لا يتألم عند رؤيته، ورفع السكين ليذبحه. وعندما كان على وشك الانتهاء، نداه الله -عز وجل- قائلاً: (وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ)، مما يعني تحقق الاختبار في إيمانه وطاعته.
عندما أقترب إبراهيم من تنفيذ أمر الله -تعالى-، أرسل الله -تعالى- كبشًا عظيمًا لفداء إسماعيل، حيث يقول: (وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ). وقد تعددت الآراء حول المكان الذي تم فيه ذبح إسماعيل؛ فبعض الآراء تشير إلى المقام في مكة، وبعضها إلى الجمار، بينما رأى آخرون أن المعلم هو جبل ثبير في منى، وآراء أخرى تقول إنه كان في الشام.
أظهر إبراهيم -عليه السلام- سرعة التوجه لتنفيذ أمر الله -سبحانه وتعالى- بدعم من ابنه إسماعيل، ولكن الله -عز وجل- غمرهما برحمته، فأرسل الكبش عوضًا عن إسماعيل -عليه السلام-.
تتضمن قصة ذبح إسماعيل -عليه السلام- العديد من الدروس والعبر، ومنها:
تُعتبر قصة ذبح إسماعيل -عليه السلام- مصدر إلهام للمسلمين في حياتهم اليومية، فهي تعلمهم أهمية الصبر والاعتصام بحبل الله -عز وجل-، والتمسك بالدعاء، لأن الله هو القادر على كل شيء.
أحدث التعليقات