الحكمة من مشروعية المسح على الخفين في الإسلام

تأصيل المسح على الخفين في الإسلام يأتي لتحقيق الرغبة في التيسير على المسلمين أثناء أدائهم للعبادات. تساءل عدد من المسلمين عن الأبعاد الشرعية الموجهة نحو هذا الموضوع، لذا سنقدم من خلال هذا المقال تفسيرًا شاملًا حول الغرض من المسح على الخفين وفقاً لما جاء في فقه الإسلام.

الهدف من تشريع المسح على الخفين في الإسلام

يهدف تشريع المسح على الخفين إلى تسهيل أداء الصلاة للمؤمنين، مما يمثل رخصة شرعية أتاحها الله تعالى لتخفيف الأعباء عن المسلمين، لاسيما في ظروف جوية قاسية مثل البرد القارس، حيث يصبح استخدام الماء البارد في الوضوء مرهقاً، خاصة في حالة السفر.

حدد الله هذه الرخصة للمسافر ثلاث مرات في حال كانت هناك صعوبة في خلع الخفين واستئناف الوضوء، مما يمثل من أسمى التيسيرات الممنوحة من الله تعالى للمسلمين، وهو ما يتوافق مع قوله تعالى: “يُرِيدُ الله بِكُمُ اليسر وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ العسر”.

شروط تطبيق المسح على الخفين

توجد مجموعة من الشروط التي ينبغي الالتزام بها أثناء أداء المسح على الخفين لضمان صحة الصلاة، وهي تشمل:

  • أن يكون المسلم طاهرًا من الحدث الأصغر، بالإضافة إلى ضرورة طهارة الجوارب، حيث ورد عن المغيرة أنه كان مع النبي في سفر، وحاول أن يخلع خفَّيه للوضوء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: “دعهما فإنّي أدخلتهما طاهرتين، فمسح عليهما.”
  • ضرورة أن يتم المسح ضمن المدة المحددة شرعاً، وهي ثلاث ليالٍ للمسافر، ويوم وليلة للمقيم، حيث إن تجاوز هذه المدة يؤدي إلى بطلان المسح والصلاة.
  • جواز المسح في حالة الحدث الأكبر، ولكن لا يجوز في الحالات التي تتطلب الغسل.
  • ضرورة تغطيه الجوارب لمنطقة الكعبين ليتحقق شرط المسح.

شروط إضافية لوجوب المسح على الخفين

بالإضافة إلى الأهداف والملابسات الشرعية التي أجيز بها المسح على الخفين، هنالك شروط أخرى تفيد في صحة العملية وتلك الشروط تشمل:

  • أن يكون الخف مصنوعاً من الجلد أو مادة تمنع وصول الماء إلى القدمين.
  • يجب أن تكون الجوارب سميكة بحيث لا تظهر ما بداخلها.
  • أن يتمكن الشخص من المشي بها دون الحاجة إلى ربطها.

مدة المسح على الخفين

جاء في آراء جمهور العلماء أن فترة المسح على الجوربين تمتد ليوم بليلة بالنسبة للمقيم، وثلاث أيام ولياليها للمسافر، وذلك استناداً لما ورد عن السيدة عائشة رضي الله عنها عندما سألها شريح بن هاني، حيث أفادت بما جاء على لسان علي بن أبي طالب:

(عليك بابنِ أبي طالبٍ فاسألْهُ فإنَّهُ كان يُسافرُ مع رسولِ اللهِ، صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، فأتيتُهُ فسألتُهُ، فقال: جعل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ثلاثةَ أيامٍ ولياليهِنَّ للمُسافرِ، ويومٌ وليلةٌ للمُقيمِ).

حدد الشرع الطريقة الصحيحة لمسح الجوربين، حيث أوضح أمير المؤمنين علي بن أبي طالب: “لو كان الدّين بالرّأي لكان أسفل الخفّ أولى بالمسح من أعلاه، لقد رأيت رسول الله عليه الصلاة والسلام يمسح على ظاهر خُفيه”، مما يؤكد أن المسح يجب أن يبدأ من مقدمة القدم باتجاه الأعلى.

في ختام هذا المقال، تناولنا مقام المسح على الخفين في الإسلام، مستعرضين الحكم الشرعي والأسباب التي دعت إلى تشريعه. كما قدمنا تفصيلات حول الشروط الضرورية لضمان صحة المسح وفق رأي العلماء والفقهاء.

Published
Categorized as إسلاميات