الحروب في فترة ما قبل الإسلام

الحروب في العصر الجاهلي

تمثل الحروب التي عُرفت باسم “الأيام” أحد أبرز سمات الحياة في العصر الجاهلي، حيث كانت هذه الحروب تؤجج الصراعات بين القبائل، حيث كان الثأر بمثابة الشريعة المقدسة التي تحكم تصرفاتهم. كان الثأر يقودهم إلى حرمان أنفسهم من الطيبات مثل الطعام والشراب والنساء، وذلك حتى يتحقق إنصافهم. واعتُبرت هذه الأفعال وكأنها مستمدة من معتقدات دينية، كما أشار إلى ذلك الدكتور شوقي ضيف.

كان من غير المسموح لأي فرد في القبيلة أن يتجاوز هذه القوانين أو يتصدى لها، إذ كانت فكرة الثأر متوارثة وتستمر المواجهات الدموية بين القبائل حتى يتدخل شخص ما لحل النزاع، ويتحمل الديات والتبعات. ولم يكن الصلح مقبولًا إلا بعد أن تسود الفوضى ويعاني الناس من ويلات الحروب. ومن أبرز الحروب في العصر الجاهلي ما يلي:

يوم دارة مأسل

تعد دارة مأسل معلمًا مائيًا لعقيل، وكان من أبرز أحداثها غزوة عُتبة بن شتير بن خالد الكلابي لبني ضبّة، حيث قُتل حصن ابن ضرار الضبي (زيد الفوارس). عقب ذلك، تجمّع والد حصن، ضرار، وحشد قومه لمواجهة بني عمرو بن كلاب. وقد تمكن عُتبة من الهرب بينما تم أسر شتير بن خالد، الذي كان شيخًا كبيرًا، ليتم إحضاره من قبل ضرار. عرض عليه ضرورة اختيار إحدى ثلاث خيارات: إما أن يعيد ابنه حصنًا.

أجابه شتير أنه لا يقدر على إحياء الموتى، أو أن يحضر ابنه ليحل محله، لكن بني عامر لن يقبلوا بمقتل شاب مغوار مقابل شيخ مسن. أو أن يُقتل هو، فقال له: أما هذه فنعم، فأمر ضرار ابنه أدهم بقتله، فنادى شتير: يا آل عامر؛ صبرًا بصبي، وكأنه يخجل من أن يُقتل على يد صبي.

حرب البسوس

تدور هذه الحرب بين قبيلتي بكر وتغلب، وكان سببها اعتداء سيد تغلب، كُليب، على ناقة للبسوس. حيث أطلق سهمًا على ضرع الناقة مما أدى إلى خلط لبنها بالدم. وقد أسفر هذا الاعتداء عن مقتل جساس كُليب، مما أطلق شرارة حرب طاحنة استمرت قرابة الأربعين عامًا.

تدخل الحارث بن عمرو الكندي لإنهاء النزاع بعد أن اجتاحت الحرب أطراف القبيلتين، وبرزت العديد من الأساطير حول أحد أبطال المعركة، المهلهل (عدي بن ربيعة التغلبي).

حرب داحس والغبراء

نشبت هذه الحرب بين قبيلتي عبس وذيبان، وانتهت بعد سنوات من الصراع بالتوصل إلى صلح بينهما. وسر المسبّب وراء هذه الحرب هو رهان على سباق بين فرسين، وهما داحس والغبراء، وقد كانا في ملك قيس بن زهير وذيبان: حذيفة بن بدر.

تسبب اعتراض قيس بن زهير على نتيجة السباق لصالح الغبراء على حساب داحس، بسبب كمين نصبه أحد رجال ذيبان، الأمر الذي أدى إلى انسحاب داحس عن المسار. وكان الفارس والشاعر المعروف عنترة بن شداد أحد الأبطال في هذه المعركة، وقد ارتبطت العديد من الأساطير بمآثره.

لتسوية النزاع، تدخل هرم بن سنان والحارث بن عوف وهما من كبار الشخصيات في ذيبان، وقد تحملا دفع الديات. نظم زهير بن أبي سلمى معلقته الشهيرة في مدح السيّدين، حيث قال:

يَميناً لَنِعمَ السَيِّدانِ وُجِدتُما

عَلى كُلِّ حالٍ مِن سَحيلٍ وَمُبرَمِ

تَدارَكتُما عَبساً وَذُبيانَ بَعدَما

تَفانوا وَدَقّوا بَينَهُم عِطرَ مَنشِمِ

Published
Categorized as معلومات عامة