الحارث بن عباد: شخصية سياسية وشاعر من عصر الجاهلية

نبذة عن الحارث بن عباد

الحارث بن عباد بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة، هو من قبيلة بني بكر ويُعرف بلقب أبي بجير، ويشتهر بلقب “فارس النعامة”. وُلد وتوفي في زمن كان مشحوناً بالحروب، حيث توفي حوالي خمسين عاماً قبل الهجرة. لعب الحارث بن عباد دوراً بارزاً في مجتمعه، إذ كان من الفرسان الأقوياء الذين لا يُشق لهم غبار، بالإضافة إلى حكمته وشجاعته وولائه. تميز بالبسالة وبحلم، واعتُبر من أسياد العرب الأجلاء وخطباءهم المفوهين، إذ كان أول من يلجأ إليه الناس في قضاياهم، ويُطلب منه حضور الوفود وزيارة الملوك. وقد عُرفت عنه العديد من القصص والأقوال، منها الخطبة الشهيرة التي ألقاها لدى كسرى. كما كان من أبرز شعراء الجاهلية وحضر بداية ونهاية حرب البسوس.

رؤية الحارث بن عباد تجاه حرب البسوس

كان الحارث بن عباد من الذين اعتزلوا حرب البسوس منذ بدايتها، ولم يُشارك فيها، حيث قال مقولته الشهيرة “لا ناقة لي فيها ولا جمل”. كان يُشير بذلك إلى رغبته في إنهاء القتال، ونصح بني تغلب بضرورة إنهاء الحرب، لكنهم أصروا على الاستمرار. ومع مرور الوقت، وبسبب مقتل ابنه بجير على يد المهلهل، قرر الانخراط في المعركة بعد أن تأكد من أن ابنه قُتل بشسع نعل كليب، وهو رابط النعل، مما جعله يُعزم على الانتقام.

مساهمة الحارث بن عباد في إنهاء الحرب

بعد انضمام الحارث بن عباد إلى بني بكر عقب قتل ابنه، تغير ميزان القوة لصالح بني بكر. قاد الحارث جميع قبائل بكر في الحرب، وحقق انتصارات متتالية على بني تغلب، مُحدثاً لهم أضراراً كبيرة. أسفر قائد بني بكر عن أسر المهلهل الزير سالم، الأمر الذي أدى إلى انتهاء صراع استمر لعقود طويلة. ومن الأبيات الشعرية التي قالها قبيل انطلاق هذه الحرب:

يا جبير الخيرات، لا صلح حتى

نملأ البيد من رؤوس الرجال

قد تجنبت وائلا كي يفيقوا

فأبت من تغلب عليَّ اعتزالي

قصيدة الحارث بن عباد عند قرار الانتقام لابنه جبير

عندما قرر الحارث الانتقام لابنه جبير، قال عدة أبيات، والتي جاء فيها:

قربا مربط النعامة مني

لقحت حرب وائل عن حيال

إن قتل الغلام بالشسع غال

قربا مربط النعامة مني

شاب رأسي وأنكرتني العوالي

قربا مربط النعامة مني

للسرى والغدو والآصال

قربا مربط النعامة مني

طال ليلي على الليالي الطوال

قربا مربط النعامة مني

لإعتناق الأبطال بالأبطال

قربا مربط النعامة مني

واعدلا من مقالة الجهال

رثاء الحارث بن عباد لابنه

تُعتبر قصيدة الرثاء التي ألقاها الحارث بن عباد لابنه جبير من أبرز الأبيات الشعرية التي تعكس عواطف الفقد والحزن. وقد صارت جزءاً من التراث الشعري العربي، حيث تعبر عن مشاعر الفقد والحسرة. وهنا بعض من أبياتها:

كلُّ شيءٍ مصيره للزوالِ

غير ربّي وصالح الأعمالِ

وَتَرى الناسَ يَنظُرونَ جَميعاً

لَيسَ فيهِم لِذاكَ بَعضُ اِحتِيالِ

قُل لِأُمِّ الأَغَرِّ تَبكي بُجَيراً

حيلَ بَينَ الرِجالِ وَالأَموالِ

وَلَعَمري لَأَبكِيَنَّ بُجَيراً

ما أَتى الماءُ مِن رُؤوسِ الجِبالِ

لَهفَ نَفسي عَلى بُجَيرٍ إِذا ما

جالَتِ الخَيلُ يَومَ حَربٍ عُضالِ

وَتَساقى الكُماةُ سُمّاً نَفيعاً

وَبَدا البيضُ مِن قِبابِ الحِجالِ

Published
Categorized as معلومات عامة