الحارث بن حلزة: شاعر عربي من العصر الجاهلي وأبرز ممثلي الأدب العربي القديم

تعريف بالحارث بن حلزة

الحارث بن حلزة اليشكري هو أحد أبرز الشعراء العرب خلال العصر الجاهلي، ويُعتبر من شعراء المعلقات العشر، التي تُعتَبر من أعظم وأشهر القصائد العربية على مر العصور. وقد أُطلق عليه هذا الاسم لأن هذه القصائد عُلِّقت على باب الكعبة وفقًا للعديد من الروايات. عاش الحارث بن حلزة في القرن السادس الميلادي.

سيرة الحارث بن حلزة

ينتمي الحارث بن حلزة إلى قبيلة بكر بن وائل، إحدى قبائل بدو العراق. وعندما نتناول نسبه، نجد أنه الحارث بن حلزة بن مكروه بن يزيد بن عبد الله بن مالك بن عبد بن سعد بن جشم بن ذبيان بن كنانة بن يشكر بن بكر بن وائل. وبفضل فخره الكبير بقومه، أصبح الحارث مثالًا يُحتذى به في ذلك.

تشير التقديرات إلى أن الحارث وُلِد تقريبًا في عام 430 ميلادي، حيث يعتبره عدد كبير من المؤرخين من المعمرين في عصره، إذ توفي في عام 580 ميلادي عن عمر يُقدّر بحوالي 150 عامًا. لهذا السبب، يعود تاريخ مولده إلى تلك الفترة. وقد نالت حياته باهتمام كبير من المؤرخين العرب والمستشرقين على حد سواء، إلى جانب الاهتمام بشعره.

تتفق الروايات على أنه كان محاربًا شجاعًا، وتمتع بذكاء وحنكة، ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل كان يمتلك القدرة على مخاطبة الملوك وارتجال الشعر أمامهم. هذا ما يتجلى في العديد من قصائده، وخاصةً في معلقته الشهيرة التي تبدأ بـ “آذنتنا ببينها أسماء”.

معلقة الحارث بن حلزة

يُعتبر الحارث بن حلزة اليشكري مشهورًا بمعلقته المعروفة التي ألقاها في قصر الملك عمرو بن هند، ردًا على معلقة الشاعر عمرو بن كلثوم. وفقًا لبعض الروايات، كان الحارث مصابًا بالبرص، لذا أعدَّ القصيدة وقام بتعليمها لبعض الأشخاص ليقرؤوها له أمام الملك، بحيث كان الأبرص ينشد من خلف ستائر معينة بعد أن يغسل أثره بالماء.

لكن الحارث قرر أن يُلقي القصيدة بنفسه وفق تلك الشروط، وقد تركت تلك القصيدة تأثيرًا بالغًا على الملك، الذي أمر برفع الستائر ليقرب الحارث منه، وأطعمه في وعائه، كما أمر بعدم غسل أثره بالماء بعد مغادرته. كان الدافع الرئيسي لكتابة هذه القصيدة هو دفاع الحارث عن قبيلته وتكذيب الشاعر عمرو بن كلثوم. تحتوي المعلقة على 85 بيتًا من الشعر، وقد تمت كتابتها بين عامي 554م و569م.

شعر الحارث بن حلزة

ترك الحارث بن حلزة خلفه إرثًا كبيرًا من الشعر العربي الفصيح. وفيما يلي بعض نماذج من قصائده:

  • قصيدة آذنتنا ببينها أسماء:

آَذَنَتنا بِبَينِها أَسماءُ

رُبَّ ثاوٍ يُمَلُّ مِنهُ الثَواءُ

آَذَنَتنا بِبَينِها ثُمَّ وَلَّت

لَيتَ شِعري مَتى يَكونُ اللِقاءُ

بَعدَ عَهدٍ لَها بِبُرقَةِ شَمّا

ءَ فَأَدنى ديارَها الخَلصَاءُ

فَمَحيّاةٌ فَالصَفاحُ فَأَعلى

ذي فِتاقٍ فَغَاذِبٌ فَالوَفاءُ

فَرياضُ القَطا فَأَودِيَّةُ الشُر

بُبِ فَالشُعبَتانِ فَالأَبلاءُ

لا أَرى مَن عَهِدتُ فيها فَأَبكي ال

يَومَ دَلهًا وَما يَرُدُّ البُكاءُ

وَبِعَينَيكَ أَوقَدَت هِندٌ النا

رَ أَخيراً تُلوي بِها العَلياءُ

أَوقَدَتها بَينَ العَقيقِ فَشَخصَي

نِ بِعودٍ كَما يَلوحُ الضِياءُ

فَتَنَوَّرتُ نارَها مِن بَعيدٍ

بِخَزارٍ هَيهاتَ مِنكَ الصلاءُ

غَيرَ أَنّي قَد أَستَعينُ عَلى الهَ

مِّ إِذا خَفَّ بِالثَوِيِّ النَجاءُ

بِزَفُوفٍ كَأَنَّها هِقلَةٌ أَ

مُّ رِئالٍ دَوِّيَّةٌ سَقفاءُ

آَنَسَت نَبأةً وَأَفزَعَها القَ

نّاصُ عَصرًا وَقَد دَنا الإِمساءُ

فَتَرى خَلفَها مِنَ الرَجعِ وَالوَق

عِ مَنيناً كَأَنَّهُ إِهباءُ

وَطِراقًا مِن خَلفِهِنَّ طِراقٌ

ساقِطاتٌ تُلوي بِها الصَحراءُ

  • قصيدة طرق الخيال:

طَرقَ الخَيالُ وَلا كَلَيلَةِ مُدلِجِ

سَدِكًا بِأَرحُلِنا وَلَم يَتَعَرَّجِ

أَنّى اِهتَدَيتِ وَكُنتِ غَيرَ رَجيلَةٍ

وَالقَومُ قَد قَطَعوا مِتانَ السَجسَجِ

وَالقَومُ قَد آنوا وَكَلَّ مَطِيُّهُم

إِلّا مُواشِكَةَ النَجا بِالهَودَجِ

وَمُدامَةٍ قَرَّعتُها بِمُدامَةٍ

وَظِباءِ محنِيَةٍ ذَعَرتُ بِسَمحَجِ

فَكَأَنَّهُنَّ لآلِئٌ وَكَأَنَّهُ

صَقرٌ يَلوذُ حَمامَةً لَم تَدرُجِ

صَقرٌ يَصيدُ بِظُفرِهِ وَجَناحِهِ

فَإِذا أَصابَ حَمامَةً بِالعَوسَجِ

  • قصيدة ألا بان بالرهن الغادة الحبائب:

أَلا بانَ بِالرَهنِ الغَداةَ الحَبائِبُ

كَأَنَّكَ مَعتوبٌ عَلَيكَ وَعاتِبُ

لَعَمرُ أَبيكَ الخَيرِ لَو ذا أَطاعَني

لَغُدِّيَ مِنهُ بِالرَحيلِ الرَكائِبُ

تَعَلَّم بِأَنَّ الحَيَّ بَكرَ بِنَ وائِلٍ

هُمُ العِزُّ لا يَكذِبكَ عَن ذاكَ كاذِبُ

فَإِنَّكَ إِن تَعرِض لَهُم أَو تَسُؤهُمُ

تَعَرَّض لِأَقوامٍ سِواكَ المَذاهِبُ

فَنَحنُ غَداةَ العَينِ يَومَ دَعَوتَنا

أَتيناكَ إِذ ثابَت عَلَيكَ الحَلائِبُ

فَجِئناهُمُ قَسراً نَفودُ سَراتَها

كَما ذُبِّبَت مِنَ الجَمالِ المَصاعِبُ

بِضَربٍ يُزيلُ الهامَ عَن سَكَناتِها

كما ذيدَ عَن ماءِ الحِياضِ الغَرائِبُ

  • قصيدة لمن الديار عفون بالحبس:

لِمَنِ الدِيارُ عَفونَ بِالحَبسِ

آياتُها كَمَهارِقِ الفُرسِ

لا شَيءَ فيها غَيرُ أَصوِرَةٍ

سُفعِ الخُدودِ يَلُحنَ في الشَمسِ

وَغَيرُ آثارِ الجِيادِ بِأَعراضِ

الخِيامِ وَآيَةِ الدَعسِ

فَحَبَستُ فيها الرَكبَ أَحدُس فيُ

جُلِّ الأُمورِ وَكُنتُ ذا حَدسِ

حَتّى إِذا التَفَعَ الظِباءُ بِأَطرافِ

الظِلالِ وَقِلنَ في الكُنسِ

وَيَئِستُ مِمّا كانَ يُطمِعُني

فيها وَلا يُسليكَ كَاليَأسِ

أَنمِي إِلى حَرفٍ مُذَكَّرَةٍ

تَهِصُ الحَصا بمَواقِعٍ خُنس

Published
Categorized as روايات عربية