الثقافة وتأثيرها على المجتمع في علم الاجتماع

علم الاجتماع

يُعد علم الاجتماع من العلوم الحديثة التي تطورت من الفلسفة، ويهتم بدراسة المجتمعات وتصرفات الأفراد ضمنها، بالإضافة إلى تحليل المشكلات الاجتماعية مثل الفقر والبطالة وغيرها من القضايا الملحة. ويُعتبر إيميل دوركهايم المؤسس الحقيقي لعلم الاجتماع، حيث أقام دراسات شاملة حول تطور المجتمعات وثقافاتها عبر العصور، وأثر ذلك على نظرة الأفراد إلى المجتمع والنفس والطبيعة.

الثقافة والمجتمع في علم الاجتماع

تُعد الثقافة من أبرز المفاهيم المثيرة للجدل بين الباحثين في علم الاجتماع، حيث تطورت حولها عدة تعريفات. وتتركز أهم تعريفات الثقافة في اعتبارها حصيلة القوانين والأعراف التي تنظم مجتمعاً ما، بما في ذلك العادات والتقاليد والفنون والمعايير الاجتماعية والتراث الثقافي المادي. إحدى الخصائص الأساسية للثقافة هي انتقالها من جيل إلى آخر، ليس من منظور بيولوجي، بل من خلال التعلم والتربية عبر المؤسسات الاجتماعية التي يتعرض لها الأفراد منذ الولادة، مثل الأسرة والمدرسة والجامعات والكنائس والمساجد.
أما المجتمع، فهو مجموعة من الأفراد الذين يعيشون في منطقة جغرافية معينة، يتشاركون في عوامل موحدة مثل الثقافة والدين، ويجمعهم مصالح وأهداف مشتركة. يُشكّل المجتمع عادةً من فئات اجتماعية متنوعة تخضع للتقسيم الطبقي أو الديني أو الجنسي، مما لا يمنع وجود مصالح ورغبات مشتركة بينهم.

العلاقة بين الثقافة والمجتمع في علم الاجتماع

من خلال التعريفات السابقة للثقافة والمجتمع، يتضح عمق العلاقة بينهما، لذا يصعب الفصل بينهما. إذ لا يمكن تصور وجود ثقافة دون مجتمعات تدعمها، ولا يمكن تصور مجتمع دون ثقافة تنظم حياته. يُعتبر اللغة أحد أبرز مكونات المجتمع والموروث الثقافي الأساسي، حيث تُمثل وسيلة الاتصال الرئيسية بين الأفراد. لذا فإن أي محاولة لفصل المفهومين لن تؤدي إلا إلى نتائج غير مجدية.
كما يتأثر الأفراد بعوامل خارجية، فإن الثقافة والمجتمع يتعرضان أيضاً لمجموعة من التحديات في العصر الحديث، وأحد أبرزها هو تحدي العولمة. أدت العولمة إلى تآكل الخصوصيات الثقافية للمجتمعات، مما جعل العالم يبدو كمجتمع واحد. لذا قد يشعر الأفراد بالتباعد عن مجتمعاتهم بسبب التباين بين الأبعاد الثقافية والاجتماعية على أرض الواقع وتلك الموجودة على وسائل التواصل الاجتماعي.
ومن هنا تبرز مسؤولية الدول في تحديد ما يتوافق مع ثقافتها ومعاييرها وأخلاقياتها، والعمل معاً لمواجهة أي ممارسات غير مناسبة تحاول التسلل إلى ثقافتها دون المساس بحقوق الأفراد المتعلقة بخصوصياتهم وحياتهم.

Published
Categorized as ثقافة إسلامية