الفروق بين الوعد والعهد

تتكرر في لغتنا العربية استخدامات متعددة للكلمات ذات المعاني المختلفة، مما يؤدي أحيانًا إلى استخدامها بشكل غير دقيق، وهذا يعد من الأخطاء الشائعة. من أبرز الأمثلة على هذا الخلط هو استخدام كلمتي “العهد” و”الوعد” كأنهما تحملان نفس المعنى، بينما لكل منهما دلالته واستخداماته الخاصة التي ينبغي مراعاتها.

تعريف كلمة العهد

العهد هو تعهد مقترن بشروط وميثاق يجب الالتزام به، وإلا ستترتب عقوبات على من يخل بهذا العهد. على سبيل المثال، إذا أبرم مدير إحدى الشركات اتفاقًا مع شركة أخرى يتضمن شروطًا معينة، فإنه في حال عدم الالتزام بهذه الشروط يُطلب دفع تعويض مادي. في القرآن الكريم، ورد قوله تعالى: (وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَىٰ آدَمَ) {طه:115}، حيث يشير العهد هنا إلى ما أوكله الله لآدم بعدم الأكل من الشجرة، وفي حال حدوث ذلك، كانت العقوبة هي الطرد من الجنة.

تعريف كلمة الوعد

الوعد يعكس التزام الفرد بفعل معين دون أن يكون هناك شرط أو ميثاق ملزم. وفي حال عدم الوفاء بهذا الوعد، لا يتعرض الشخص لعقوبة، بل قد يُواجه توبيخًا أو عتابًا. على سبيل المثال، إذا وعد الأب ابنه بإحضار لعبة، فإن الوعد هنا يدعى وعدًا وليس عهدًا لأنه لا يرتبط بأي شروط محددة.

الحكم الشرعي للعهد والوعد

لقد أكد العلماء أن الوفاء بالعهد يُعتبر واجبًا، وذلك لما لذلك من خطورة على الثقة والمصداقية، مستندين إلى قوله تعالى: (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ۖ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا) {الإسراء: 34}. كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أربعٌ من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا أؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر) رواه البخاري ومسلم. أما الوفاء بالوعد، فيوجد حوله قولان؛ أحدهما أنه واجب، والآخر أنه مندوب، ما لم تكن نية الشخص عدم الوفاء.

لذا نجد أن الاتفاقات بين الدول والقوات المسلحة تُسمى “معاهدات” لأنها تخضع لشروط محددة. على سبيل المثال، في عام 1192م تم التوصل إلى “صلح الرملة” الذي أفضى إلى توقيع معاهدة بين صلاح الدين وريتشارد قلب الأسد، مما يعني أننا هنا أمام عهد وليس وعدًا؛ لأن هناك شروطًا يجب الالتزام بها. وهنا يُقال “أخلف الوعد” و”نقض العهد”.

فوائد التفرقة بين العهد والوعد

تُستخدم كلمة “العهد” عندما يتم الاتفاق بين طرفين بشرط وجود شروط وعقوبات أو ثواب، بينما تُستخدم كلمة “الوعد” عند وجود التزام بين طرفين دون وجود أي شروط أو جزاءات، إنما تعكس النية الصادقة في الالتزام.