جاء الإسلام إلى العرب في فترة انقطاع الوحي بعد عهد النبي عيسى عليه السلام، حيث كانت العرب في ذلك الحين بعيدين عن مظاهر الدين. كانوا يعبدون الأصنام التي ورثوها عن الأمم السابقة مثل يعوق وسواع ودّ ويغوث ونسر، التي ارتبطت بقوم نوح، كما نقل ابن عباس رضي الله عنهما: “صرَتِ الأوثانُ التي كانتْ في قومِ نوحٍ في العربِ بعدُ”. كانت العرب أيضًا تعبد أصنام قريش مثل العزَّى واللاَّت ومناة وهبل. حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، ومن عبادة الأصنام إلى عبادة الله الواحد والإيمان به.
عندما انتقل النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة لبناء الدولة الإسلامية، وجد فيها تنوعًا دينيًا يتضمن اليهودية والنصرانية. وقد حرص على منحهم حقوقهم وقرّر عليهم واجبات، مشدداً على ضرورة التعايش السلمي. في هذه المقالة، سنتناول مفهوم التعايش بين الأديان وكيف دعا الإسلام إليه، بالإضافة إلى بعض شروطه ومحدداته.
أرسى القرآن الكريم نظامًا من القواعد التي تهدف إلى حماية المجتمعات البشرية من الفتن. كما يشير الإسلام في آياته إلى أن جميع الناس خُلقوا من نفس واحدة، مما يكرّس فكرة الوحدة الإنسانية، فقد قال الله تعالى: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ”. ومن هنا، يكفل الإسلام حقوق الحياة والعيش بكرامة للجميع دون تمييز، مستندًا إلى مبدأ كرامة الإنسان لذاته بغض النظر عن دينه أو عرقه أو لونه.
إذا وُجدت الاختلافات بين المجتمعات، فهي تعتبر ظاهرة طبيعية يجب أن تستغل لتعزيز التعارف والمحبة بين الأفراد، بدلاً من إثارة العداء. قال تعالى: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ.” وقد أشار الله في هذه الآية إلى أن التفاضل لا يكون إلا بالتقوى وعبادة الله.
بخصوص الذين لا ينتمون إلى الإسلام من الديانات السابقة، فإن القرآن لا يقلل من شأنهم، بل ينظر إليهم برؤية تسامحية، لذا يجب دعوة غير المسلمين إلى الإسلام بالحسنى، فإن استجابوا فبها ونعمت، أما إن أصروا على معتقداتهم فلا إكراه. قال تعالى: “لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ”.
كما أن الإسلام يمنع الاعتداء على المعاهدين، حيث ذكر النبي صلى الله عليه وسلم: “من قتل مُعاهَدًا لم يَرَحْ رائحةَ الجنَّةِ.” وهذا يضمن أمان العلاقات بين المسلمين وغيرهم من الأديان.
تظهر مظاهر التعايش بين الأديان عبر النقاط التالية:
لقد أرسى الإسلام ضوابط للتعايش بين المسلمين وغيرهم من الأديان، بما في ذلك:
أحدث التعليقات