التغيرات الهرمونية وعلاقتها بالاكتئاب

الاكتئاب

يمكن تعريف الاكتئاب (بالإنجليزيّة: Depression) على أنه اضطراب يؤثر على مزاج الفرد ويؤدي إلى فقدان الاهتمام بالأنشطة اليومية، مما يجعله يشعر بالحزن والإحباط. يجدر بالذكر أن الحزن والإحباط لفترات قصيرة يختلف تمامًا عن الاكتئاب، إذ إن الاكتئاب يعد حالة طبية تتطلب اهتمامًا خاصًا، والأفراد الذين يعانون منه يواجهون صعوبة في تخطي هذه الحالة بمفردهم.

قد يعجز الشخص المصاب بالاكتئاب عن التخلص من هذه الحالة بشكل تلقائي، وفي حال عدم تلقي العلاج، قد يعاني من عواقب خطيرة تؤثر على حياته المهنية والاجتماعية، مما قد يؤدي به إلى تعاطي المخدرات أو الكحول، والتفكير في الانتحار أو حتى محاولة القيام به. في الجهة المقابلة، يشير العديد من الأشخاص الذين التزموا بالعلاج الفعال إلى أنهم تمكنوا من عيش حياة سعيدة وصحية، على الرغم من أن الاكتئاب قد يستمر كالتحدي المزمن للبعض، مما يتطلب منهم الاستمرار في العلاج لفترات طويلة.

الاضطرابات الهرمونية والاكتئاب

تعرف الهرمونات (بالإنجليزيّة: Hormones) بأنها مواد تفرزها الغدد الصماء، والتي تؤثر بشكل كبير على وظائف الجسم، بما في ذلك النمو والتطور والتكاثر والمزاج. لذا، فإن تغيير مستويات الهرمونات وإفرازها له تأثير واضح على الصحة العقلية؛ إذ يمكن أن تظهر تغييرات في مستويات هرمونات معينة مثل هرمونات الغدة الدرقية أعراضاً تشبه أعراض الاكتئاب، ويشمل ذلك أيضًا أعراض الدورة الشهرية والانقطاعات المحتملة.

تظهر الدراسات أن النساء أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بمعدل ضعف الرجال من نفس الفئة العمرية. يعتبر سن البلوغ من الفترات الأولى التي تقترن بتغيرات مزاجية ملحوظة بسبب التقلبات الهرمونية في جسم الذكور والإناث؛ حيث تعاني بعض الفتيات في هذه المرحلة من أعراض مرتبطة بمتلازمة ما قبل الدورة الشهرية، مثل التقلبات العاطفية، والتهيج، والاكتئاب، والقلق. وبالنسبة للذكور، يمكن أن تظهر لديهم أعراض مماثلة بجانب مشاعر الغضب نتيجة ارتفاع مستويات هرمون التستوستيرون (بالإنجليزيّة: Testosterone).

بناءً على ذلك، هناك تشابه واضح بين أعراض الاكتئاب واضطرابات الهرمونات، ولتشخيص الحالة بشكل دقيق، سيطلب الطبيب إجراء اختبارات دم معينة. ومن المهم أن ندرك أن بعض الأشخاص قد يعانون في نفس الوقت من الاكتئاب واضطرابات هرمونات الغدة الدرقية أو أعراض الاكتئاب المرتبطة بالدورة الشهرية.

هرمونات الغدة الدرقية

تلعب هرمونات الغدة الدرقية (بالإنجليزيّة: Thyroid gland hormones) دورًا مهمًا في تنظيم عمليات التمثيل الغذائي والمزاج والوظائف الجنسية. ويمكن أن يؤدي فرط أو قصور الغدة الدرقية إلى مشكلات صحية، حيث يتسبب فرط نشاطها (بالإنجليزيّة: Hyperthyroidism) في إفراز زائد لهرموناتها، بينما يتسبب قصور الغدة (بالإنجليزيّة: Hypothyroidism) في نقص إفرازها.

وفيما يلي بعض الأعراض المتعلقة بكل حالة والتي قد تشابه أعراض الاكتئاب:

  • أعراض فرط نشاط الغدة الدرقية:
    • تضخم في الغدة الدرقية.
    • التهيج والعصبية.
    • عدم القدرة على تحمل الحرارة.
    • اضطرابات في النوم.
    • فقدان الوزن.
    • تسارع نبضات القلب.
    • اضطرابات في حركة الأمعاء.
  • أعراض قصور الغدة الدرقية:
    • الإرهاق والإعياء.
    • النسيان.
    • عدم القدرة على تحمل البرودة.
    • زيادة الوزن.
    • عدم انتظام الدورة الشهرية.
    • تضخم الغدة الدرقية.

هرمونات الدورة الشهرية

من اللافت أن معدلات الاكتئاب قبل فترة المراهقة تكون متساوية تقريبًا بين الفتيان والفتيات، لكن تتغير هذه النسبة بين الحادية عشرة والثالثة عشرة من العمر، حيث ترتفع خلال فترة البلوغ؛ وبحلول سن الخامسة عشرة، تكون الفتيات أكثر عرضة للاكتئاب بمعدل الضعف مقارنة بالفتيان، وتستمر هذه النسبة المرتفعة خلال مرحلة البلوغ.

يمكن توضيح تأثير تغيرات هرمونات الدورة الشهرية على الاكتئاب كما يلي:

  • سن البلوغ (بالإنجليزيّة: puberty): يرتفع مستوى هرموني الإستروجين (بالإنجليزيّة: estrogen) والبروجسترون (بالإنجليزيّة: progesterone) خلال هذه المرحلة، حيث يسهمان في حدوث تغيرات جسدية ونفسية في جسم الفتيات. يلعب الإستروجين دورًا في تثبيط إفراز هرمون الكورتيزول (بالإنجليزيّة: cortisol) ونقل المسائل المزاجية عبر السيروتونين (بالإنجليزيّة: serotonin). أما البروجسترون، فقد أُثبت أنه يمتلك تأثيرًا مهدئًا.
  • المتلازمة السابقة للحيض (بالإنجليزيّة: premenstrual syndrome): تتقلب مستويات هرمون الإستروجين خلال الدورة الشهرية، مما يؤدي إلى حدوث أعراض مشابهة للاكتئاب، مثل الحزن والتهيج، والشعور بالتعب قبل الدورة الشهرية.
  • الاضطراب المزعج السابق للحيض (بالإنجليزيّة: premenstrual dysphoric disorder – PMDD): هو حالة تتسم بشدة المشاكل العاطفية المرتبطة بالحيض مقارنة بالمتلازمة السابقة للحيض.
  • فترة الحمل (بالإنجليزيّة: pregnancy): تؤدي التغييرات الهرمونية خلال الحمل إلى تغيرات جسدية وعاطفية ملحوظة عند النساء.
  • اكتئاب ما بعد الولادة (بالإنجليزيّة: postpartum depression): بعد الولادة، تتعرض النساء لتغيرات حادة في مستويات الهرمونات، مما قد يؤدي إلى نوعين من الاكتئاب: الأول هو الكآبة النفاسية الأكثر شيوعًا والتي تصيب 80% من النساء ولكن سرعان ما تختفي، والثاني هو اكتئاب ما بعد الولادة، والذي يُعزى إلى حالات اكتئاب شديدة في حوالي 10%-20% من النساء.
  • اكتئاب فترة ما قبل انقطاع الطمث (بالإنجليزيّة: perimenopause depression) وفترة انقطاع الطمث (بالإنجليزيّة: menopause depression): عند كبار السن، يمكن أن تتسبب التغيرات في مستويات الهرمونات خلال هاتين الفترتين في أعراض مثل التعب واضطرابات النوم وزيادة الوزن.

أعراض الاكتئاب

يمتد تأثير الاكتئاب ليشمل ليس فقط المشاعر والأفكار، بل يتعداه إلى سلوكيات الأفراد وكلامهم وعلاقاتهم. تجدر الإشارة إلى أن الأعراض تختلف حسب شدة الاكتئاب، لكن هناك علامات يجب الانتباه إليها، ومن أبرز هذه الأعراض:

  • مشاعر الحزن.
  • مشاعر الغضب.
  • ألم في العضلات أو الرأس.
  • الإرهاق وفقدان الطاقة.
  • الشعور بالذنب.
  • القلق.
  • مشاكل في التركيز.
  • اضطرابات في النوم.
  • تشوش التفكير وصعوبة اتخاذ القرارات.
  • تراجع في الأداء سواء في العمل أو الدراسة.
  • فقدان الاهتمام بالأنشطة الممتعة.
  • التفكير في الانتحار أو محاولات للانتحار.
  • تعاطي المخدرات أو الكحول.

فيديو عن اضطراب الهرمونات عند النساء

تتبدل هرمونات النساء من فترة لأخرى، ويبدو أن جميع الجوانب تتأثر بها!

Published
Categorized as الصحة والطب