يعد فيروس التهاب الكبد الوبائي B (بالإنجليزية: Hepatitis B virus) من الفيروسات المنتشرة بشكل واسع في جميع أنحاء العالم، مما يجعله يمثل خطراً صحياً مهماً. وتم تطوير لقاح ضد هذا الفيروس لأول مرة خلال الثمانينات من القرن الماضي. يعتمد تصنيع هذا اللقاح الحالي على استخدام الجين المسؤول عن إنتاج البروتين السطحي للفيروس، والذي يتم وضعه في خلايا الخميرة بحيث تنتج نسخًا متعددة من هذا البروتين لاستخدامها في إنشاء اللقاح. يساعد لقاح التهاب الكبد B الأطفال على تطوير المناعة اللازمة ضد العدوى، إذ يحفز الجهاز المناعي لديهم لإنتاج استجابة مناعية فعالة تهيئ أجسامهم لمواجهة الفيروس في حال تعرضهم له. ووفقاً لتوصيات منظمة الصحة العالمية (بالإنجليزية: World Health Organization)، تم تطعيم 8 من كل 10 أطفال وُلِدوا في العام 2017 بثلاث جرعات من لقاح التهاب الكبد B في جميع أنحاء العالم، الأمر الذي يعكس أهمية إدراج هذا اللقاح في برامج التطعيم الوطنية.
تؤدي عدوى فيروس التهاب الكبد B لدى الأطفال حديثي الولادة إلى زيادة احتمالية استمرار الالتهاب مدى الحياة، مما يمكن أن يسبب لهم مشكلات صحية خطيرة، بما في ذلك تلف الكبد. لذلك، يتحتم تلقي الأطفال لقاح التهاب الكبد B في وقت مبكر؛ حيث يساهم ذلك في ضمان الحفاظ على مستوى عالٍ من المناعة، خصوصاً في السنوات الأولى من الحياة حيث يكون الأطفال أكثر عرضة للآثار السلبية المرضية. ومن المهم التأكيد على ضرورة تلقي الرضع لقاح التهاب الكبد B حتى وإن كانت نتائج فحوصات الأم والطفل سلبية عند الولادة؛ نظراً لأن معظم المصابين بالفيروس لا تظهر عليهم الأعراض، وبالتالي يمكن أن ينتقل الفيروس دون وعي. ويجب الإشارة إلى أن الرضع الذين يحصلون على العدوى من أمهاتهم عند الولادة معرضون بشكل أكبر لاحتمالية الوفاة المبكرة نتيجة للإصابة بسرطان الكبد أو الفشل الكبدي لاحقاً في حياتهم.
عادةً ما يتم إعطاء الرضع لقاح التهاب الكبد B على ثلاث جرعات. من الضروري حصول الأطفال على جميع الجرعات لتحقيق حماية كاملة ضد الفيروس. يُفضل أن تُعطى الجرعة الأولى من اللقاح خلال فترة قصيرة بعد الولادة، بينما تكون الجرعة الثانية بين شهر إلى شهرين، والجرعة الثالثة عندما يصل عمر الطفل بين 6 إلى 18 شهراً. قد يتفاوت موعد إعطاء الجرعة الأولى بناءً على وجود الفيروس في جسم الأم؛ فإذا كانت الأم لا تحمل الفيروس، يمكن إعطاء الجرعة الأولى خلال 24 ساعة من الولادة، بينما يتطلب الأمر إعطاء الجرعة خلال 12 ساعة إذا كانت الأم إيجابية. في هذه الحالة، ينبغي أيضاً إعطاء الجلوبيولين المناعي بهدف توفير حماية فورية. وبالنسبة للأطفال المولودين لأمهات مصابات بعدوى الكبد الوبائي B، يحتاجون إلى 6 جرعات من اللقاح للحصول على حماية طويلة الأمد.
تختلف دول العالم، وخاصة الدول العربية، في عندما يتلقى الأطفال الجرعة الأولى من اللقاح. توصي منظمة الصحة العالمية بتقديم اللقاح في أسرع وقت ممكن بعد الولادة، ويفضل أن تكون خلال 24 ساعة، خاصة في الدول التي يتجاوز فيها معدل الإصابة 8%. تتاح للدول خيارات متعددة تتعلق بجدول تطعيم الأطفال. فيما يلي بعض الأمثلة على توقيت إعطاء اللقاح في بعض الدول:
يمكن لأي فرد تلقي سلسلة جرعات لقاح التهاب الكبد B في أي وقت من حياته إذا لم يحصل على اللقاح في مرحلة الطفولة. يعتبر التطعيم ضرورياً لبعض الفئات الخاصة. توصي مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها (بالإنجليزية: Centers for Disease Control and Prevention) بتطعيم الأفراد المعرضين بشكل كبير للخطر. رغم أن أي شخص يمكن أن يكون معرضاً للفيروس، هناك مجموعات معينة يجب أن تتلقى التطعيم بشكل قاطع. وهذه تشمل:
يوفر لقاح التهاب الكبد B عادةً مناعة طويلة الأمد ضد الفيروس. يحصل غالبية الأطفال الذين يتلقون سلسلة اللقاحات على حماية تستمر لسنوات عدة، حتى في مرحلة البلوغ. من المهم تلقي ثلاث إلى أربع جرعات بحسب نوع اللقاح المستخدم في كل دولة، وفي حال كان هناك انقطاع في السلسلة، يجب متابعة الجرعة التالية في أقرب وقت دون الحاجة لتكرار الجرعات الأولى.
يُعتبر لقاح التهاب الكبد B من اللقاحات الأكثر أمانًا وفعالية المتاحة، وغالبًا ما تكون الآثار الجانبية بسيطة. تشمل هذه الآثار الحمى الخفيفة، واحمرار أو ألم خفيف في موقع الحقن. يمكن استشارة الأطباء حول إمكانية استخدام أدوية مسكنة لتخفيف الأعراض، بينما تفاعلات الحساسية الجلدية تعتبر نادرة ولكن تحتاج إلى مراجعة طبية عاجلة في حال ظهورها.
يُفضل التأجيل عن إعطاء لقاح التهاب الكبد B للأطفال الذين يقل وزنهم عند الولادة عن 2000 غرام ولا تحمل والدتهم الفيروس. يمكن للأطفال تلقي الجرعة الأولى بعد الخروج من المستشفى أو عند بلوغهم شهر واحد، مع مراعاة اختلاف جداول التطعيم في الدول. لا يسبب إعطاء لقاح التهاب الكبد B بجانب لقاحات أخرى أي ضرر. ومع ذلك، لا يُوصَى بإعطاء اللقاح في الحالات التالية:
أحدث التعليقات