ظهر مفهوم التصحر لأول مرة في الأربعينيات من القرن الماضي، ويُعرّف بأنه تدهور إنتاجية المناطق الجافة أو شبه الجافة، وكذلك المناطق الرطبة، نتيجة نقص الأمطار، الاستخدام غير المستدام للموارد الطبيعية من قِبل الإنسان، أو النمو العمراني. يمكن وصف التصحر بأنه عملية تحول الأراضي الزراعية والمراعي الطبيعية إلى صحراء غير منتجة.
يسعى العراق لمواجهة العديد من التحديات البيئية نتيجة لموقعه الجغرافي في مناطق قاحلة وشبه قاحلة. فرغم الظروف الأمنية والسياسية والاقتصادية الصعبة التي يعيشها العراق، يأتي التصحر في صدارة هذه التحديات. إذ يعتبر التصحر من الظواهر البيئية الخطيرة، حيث يؤثر بشكل كبير ومباشر على الأمن الغذائي وصحة المواطنين.
تمتد ظاهرة التصحر على نحو (670) كيلومتر، ما يُعادل حوالي (38.7%) من المساحة الكلية للعراق. ويتواجد في العراق مستويات متعددة من التصحر، ومن أبرزها:
حيث يتجلى في فقدان الغطاء النباتي.
وهو النوع السائد في العراق، حيث يُلاحظ فقدان الغطاء النباتي وتآكل حاد في التربة.
يتسم بزيادة تعرية التربة وظهور الشجيرات والنباتات غير المرغوب فيها.
وفيه تتشكل كثبان رملية وتختفي الطبقة العليا من التربة.
يمكن تصنيف أسباب التصحر في العراق إلى فئتين: طبيعية وبشرية. من الأسباب الطبيعية نجد توقف الأمطار، وتعرية التربة، وارتفاع درجات الحرارة التي تصل في الصيف إلى (52) درجة مئوية.
كما تسجل البلاد حوالي (260) يوماً مشمساً سنوياً، مما يؤدي لزيادة واضحة في درجات التبخر وبالتالي زيادة الجفاف. بالإضافة إلى ذلك، فإن الرياح الشمالية الغربية الجافة والساخنة تُساهم أيضاً في جلب الغبار. أما الأسباب البشرية، فتتعدد كما يلي:
تؤدي الأنشطة البشرية المرتبطة بالقطع العشوائي للأشجار لتقليل المساحات الخضراء، حيث يتم استغلالها في بناء المنازل أو للتدفئة.
وزيادة عدد السكان تسهم بشكل كبير في التوسع العمراني على حساب الأراضي الزراعية، مما يعزز الهجرة من الريف إلى الحضر.
تُعد الزيادة السكانية أحد أخطر أسباب التصحر، حيث يبلغ عدد سكان العراق حوالي (36) مليون نسمة بمعدل نمو سكاني يصل إلى نحو (3.1%)، وهو من المعدلات المرتفعة.
قد يحدث الانخفاض في الغطاء النباتي طبيعياً أو نتيجة لعمليات اقتلاع النباتات من قبل الإنسان، مما يعرض التربة للشمس ويزيد من جفافها. كما أنّ القضاء على النباتات يُؤدي إلى تقليل خصوبة التربة وزيادة انجرارها، وبالتالي سرعة تفشي التصحر.
يلجأ المزارعون إلى تطبيق أساليب زراعية مكثفة لتعزيز الإنتاجية، مما يتطلب استعمال مبيدات وأسمدة بكميات كبيرة، مما يُستنزف المغذيات الموجودة في التربة ليتسارع التصحر.
كان الوضع المائي في العراق مستقرًا حتى عام (1970) بفضل نهري دجلة والفرات. لكن بعد ذلك، فقدت البلاد حوالي (40%) من هذه المياه نتيجة سياسات الدول المجاورة وتداعيات ارتفاع درجات الحرارة، وانخفاض معدلات هطول الأمطار، وقلة تدفق المياه من نهري دجلة والفرات، مما صنّف العراق ضمن البلدان التي تعاني من أزمة مياه حادة.
أحدث التعليقات