التشبيه المجمل
يشير تقسيم التشبيه من حيث أوجه الشبه إلى نوعين رئيسيين، وهما: التشبيه المفصل والتشبيه المجمل. سنتناول في هذا المقال موضوع التشبيه المجمل بشكل مفصل.
تعريف التشبيه المجمل
التشبيه المجمل هو نوع من التشبيه الذي يُحذف فيه وجه الشبه، مع الحفاظ على بقية عناصر التشبيه. على سبيل المثال: “محمد كالصقر”، حيث يتم تشبيه محمد بالصقر، لكن وجه الشبه، وهو حدة البصر، غير مذكور، إلا أننا نفهمه من سياق الجملة.
أنواع التشبيه المجمل
يمكن تقسيم التشبيه المجمل إلى نوعين رئيسيين كما يلي:
- النوع الظاهر: حيث يكون وجه الشبه واضحاً ويمكن إدراكه بسهولة من قبل العامة والخاصة. مثال ذلك هو تشبيه الوجه بالبدر أو القد بالغصن.
- النوع الخفي: حيث يحتاج فهم وجه الشبه إلى تأمل ونظر. كمثال على ذلك، ما قالته فاطمة بنت الخرشب عندما سئلت عن أفضل أولادها، فقالت: “هم كالحلقة لا يُدرى أين طرفاها”. هنا تعبر عن تناسبهم في الشرف والشجاعة، دون أن تحدد ذلك بصورة مباشرة، حيث يتجلى وجه الشبه في التناسب الكلي.
أقسام التشبيه المجمل من حيث الإشارة إلى وجه الشبه
لا يمنع إجمال التشبيه من ذكر وصف ما لأحد الطرفين، سواءً المشبّه أو المشبّه به، أو لكليهما، ويساعد هذا على توضيح وجه الشبه. فيما يلي بعض الأمثلة:
- ما يُذكر فيه وصف المشبّه به فقط: كمثال قول فاطمة “هم كالحلقة المفرغة لا يدرى أين طرفاها”، حيث يُظهر الوصف وجه الشبه الذي يتمثل في التناسب.
- ما يُذكر فيه وصف المشبّه دون المشبّه به: كما في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: “أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم”، حيث يُشير الوصف إلى الهداية.
- ما يُذكر فيه وصف كلا الطرفين: كما في قول الشاعر أبو تمام مادحا الحسن بن رجاء:
صدفت عنه ولم تصدف مواهبه
عني وعاوده ظني فلم يخب
كالغيث إن جئته وافاك ريقه
وإن ترحّلت عنه لجّ في الطلب.
أمثلة على التشبيه المجمل:
- “العالم سراج أمته”، حيث يُشبه العالم بالسراج، ووجه الشبه (النور) مُحذَف.
- قول الشاعر: “النشر مسك والوجوه دنانير”، حيث يُشبّه طيب رائحة الموصوف بالمسك.
- قول الشاعر: “فكأن لذة صوته ودبيبها سنة تمشي في مفاصل نعس”، حيث يتضح وجه الشبه من دون ذكره بشكل مباشر.
- قول الشاعر: “وكأن البنفسج الغض يحكي أثر اللطم في خدود الغيد”، حيث يتمثل وجه الشبه المحذوف في اللون.
التشبيه البليغ (المجمل المؤكد)
يمكن اعتبار التشبيه البليغ من أرقى أنواع التشبيه، ويُسمى بالتشبيه المجمل الذي حُذفت منه أداة التشبيه. مثال على ذلك قولنا: “معاذٌ أسدٌ”. يُظهر التشبيه البليغ أشكالاً متعددة وفقاً لموقع المشبّه به في الجملة، وسنوضح ذلك كما يلي:
- أن يكون المشبّه به خبراً للمشبّه: كما في قول بدر شاكر السياب: “عيناك غابتا نخيل ساعة السحر”.
- أن يكون المشبّه به حالاً للمشبّه: مثال ذلك “دخل نمراً وخرج هرّاً”.
- أن يكون المشبّه به مضافاً إلى المشبّه: كما في “لبس المريض ثوب العافية”، حيث يُشير هنا إلى العافية كمشبّه.
- أن يكون المشبّه به مفعولاً ثانياً والمشبّه مفعولاً به أول: كما في قول المازني: “ولو استطعت حنيت أضلاعي على ذاوي سناها”.
- أن يكون المشبّه به مفعولاً مطلقاً مبيناً للنوع: كالقول “وضممتها ضمّ الحبيب”.
- أن يكون المشبّه به مجروراً بـ”من” البيانية: كما في قول الشابي: “ورفرف روح غريب الجمال بأجنحة من ضياء القمر”.
- أن يكون المشبّه به أحد التوابع: كما ورد في قوله تعالى: “يا أيها النبي إنّا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا”.
بهذا نكون قد استعرضنا موضوع التشبيه المجمل وأنواعه وأقسامه، بالإضافة إلى التشبيه البليغ، مما يوضح أهمية هذا المفهوم في البلاغة العربية.
أحدث التعليقات