التدخين يعتبر محرمًا وفقًا للشريعة الإسلامية

تحريم التدخين من منظور شرعي

شهد الإسلام غياباً لتدخين السجائر، حيث لم تكن نبتة التبغ معروفة لدى المسلمين قبل مئات السنين. لذا، لم يتطرق الفقهاء القدامى إلى الحديث عنها. بدأ ظهور التبغ في المجتمعات الإسلامية في نحو العام 1000 هجرية، مما أدى إلى نشأة جدل فقهي حول حكمه، حيث اختلف العلماء في تصنيفه؛ فمنهم من اعتبره حراماً، وآخرون رأوه حلالاً، في حين اعتبره بعضهم مكروهاً.

هذا الاختلاف في الرأي كان نتيجة نقص الوعي حول أضرار التدخين. ومع تطور الأبحاث والدراسات، أجمعت اليوم الكوادر الطبية والعلمية على آثار التدخين الضارة على صحة الإنسان، حيث أصبح من الواضح أن التدخين محرم شرعاً وفقاً لآراء العلماء المعاصرين.

أدلة تحريم التدخين

استند العلماء في تأصيل حكم تحريم التدخين إلى نصوص شرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية، إلى جانب الأبحاث الطبية. وفيما يلي بعض الأدلة:

أدلة التحريم من القرآن الكريم

احتوى القرآن الكريم على آيات متعددة تدل على حرمة التدخين، ونذكر من بينها:

  • (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ)

تشير هذه القاعدة العامة التي جاء بها القرآن إلى الاستدلال على الأمور المستحدثة مثل التدخين، حيث يمكننا تحليل الطيبات وتحريم الخبائث، وكل ما يسبب ضرره أكبر من نفعه يعتبر حراماً أيضاً.

  • (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)

يدلّ التدخين على إلقاء النفس إلى الهلاك، ولا يجوز للإنسان أن يتسبب بنفسه في الهلاك، مما يستدعي تحريم كل ما يهدد حياة الإنسان.

  • (وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا)

تُرجع كتب التفسير هذه الآية إلى واقعة حدثت مع عمرو بن العاص، حيث واجهت تلك الحالة تجنبه للضرر. وكذلك التدخين يتسبب في الموت والتلف والضرر.

  • (وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا* إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا)

الإنفاق على التدخين يعتبر مصدراً للتبذير الذي نهى عنه الشرع.

أدلة التحريم من السنة النبوية

نُقلت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أحاديث تُشير إلى إحاطة حكم التحريم بالتدخين، نستعرض منها:

  • (لا ضَرَرَ ولا ضِرَارَ)

فكل ما يتسبب في الأذى أو الضرر يعد حراماً، ويدخل التدخين ضمن هذه الفئات كونه ضار للصحة والمال.

  • (إنَّ اللهَ كرِه لكم قيلَ وقالَ وكثرةَ السُّؤالِ وإضاعةَ المالِ)

عبارة الكراهة في هذا السياق تشير إلى التحريم، بما يتماشى مع بعض نصوص القرآن.

  • (إنَّما مَثَلُ الجَلِيسِ الصَّالِحِ، والْجَلِيسِ السَّوْء، كَحامِلِ المِسْكِ، ونافِخِ الكِيرِ)

تشير المقارنة هنا إلى أن المدخن قد يُشبه نَافِخِ الكير في التأثير السلبي على من حوله.

  • (كُلُّ أُمَّتي مُعافًى إلَّا المُجاهِرِينَ)

يشير المدخن هنا إلى كونه مجاهراً بالمعصية.

أدلة إضافية

استند عددٌ من العلماء إلى أدلة إضافية حول حرمة التدخين، ومنها:

  • الدخان يعتبر مسبباً لأمراض السرطان.
  • رائحة الدخان تعد مكروهة لدى الكثير من الناس.
  • التدخين يؤثر سلبياً على الدين ويحول دون الانشغال في الأمور الأكثر أهمية.
  • يمكن أن يؤدي التدخين إلى حالات من التخدير أو الشعور بالإسكار لدى بعض الأفراد.
  • التدخين يساهم في الإسراف والهدر المالي.

نصائح للإقلاع عن التدخين

نقدم للمدخنين بعض النصائح القيمة التي قد تعينهم على ترك هذه العادة أو الحد منها:

  • التوكل على الله -تعالى- وتعزيز العزيمة والإرادة.
  • تغيير الأماكن والأصدقاء المتعلقين بالعادة، والانخراط في هوايات جديدة.
  • تجاهل التعليقات المثبطة من الآخرين.
  • السعي للإقلاع قبل أن يصبح الأمر حاجة طبية، حيث يكون الوضع حينها أكثر تعقيداً.
  • تناول كأس من عصير الليمون أو الأحماض في الصباح كخطوة أولى لمحاولة الاستغناء عن التدخين.
  • القيام بالصيام تطوعاً كوسيلة للتقرب إلى الله، والإكثار من الدعاء.
Published
Categorized as إسلاميات