التحضر وتحديات المدن الحديثة

التحضر

يُعرَّف التحضر بأنه انتقال السكان من المناطق الريفية إلى المناطق الحضرية، مما يؤدي إلى زيادة تدريجية في نسبة الأفراد الذين يقيمون في المدن. يُعتبر هذا التحول أحد الأسباب الرئيسية لظهور مشكلات تتعلق بالمدن. يرتبط التحضر بمجالات متعددة مثل الجغرافيا، وعلم الاجتماع، والاقتصاد، والتخطيط الحضري، والصحة العامة، كما يتصل بمفاهيم التحديث والتصنيع. يترك التحضر آثارًا اجتماعية واقتصادية وبيئية كبيرة، ويُتيح فرصًا لتحقيق الاستدامة من خلال الاستخدام الفعّال للموارد، وتوفير الأراضي المستدامة، والحفاظ على التنوع البيولوجي في النظم الإيكولوجية الطبيعية.

تاريخ التحضر

كانت بلاد ما بين النهرين ومصر في القرن الثامن عشر تتمتع بتوازن بين الغالبية العظمى من السكان الذين يعملون في الزراعة بالمناطق الريفية، ووجود بلدان صغيرة في المدن. كان النشاط الاقتصادي في تلك الفترة يعتمد بشكل رئيسي على التجارة بين الأسواق والصناعات المحدودة، بسبب الركود النسبي في الزراعة. مع بداية الثورة الزراعية والصناعية في أواخر القرن الثامن عشر، بدأ عدد السكان في المدن ينمو بشكل غير مسبوق خلال القرن التاسع عشر. ومنذ خمسينيات القرن العشرين، بدأت فكرة التحضر تأخذ شكلًا جديدًا في العالم النامي. في بداية القرن العشرين، كان حوالي 15% من سكان العالم يعيشون في المدن، بينما ارتفعت هذه النسبة إلى 50% في عام 2007.

التحضر ومشكلاته الحضرية

يعتبر التحضر المحرك الرئيسي وراء ظهور المدن، على الرغم من الفوائد العديدة لها، فإنه يتسبب في ظهور مجموعة من المشاكل، من بينها:

  • المشاكل الاقتصادية: تزايدت تكلفة المعيشة في الحواضر بشكل كبير، نتيجة التوسع الحضري وما يقدمه من خدمات متنوعة. توفر المدن أسواقًا ومواد استهلاكية بكميات أكبر بكثير مقارنة بالمناطق الريفية، مما يؤدي إلى احتكار البنية التحتية وارتفاع التكاليف العامة. على الرغم من بعض الإيجابيات، تُعتبر هذه المناطق فضاءات تعتاش فيها الطبقة البرجوازية، التي تسهم في تكبيل السكان بتكاليف مرتفعة.
  • المشاكل البيئية: تُعتبر المدن الصناعية من المناطق التي تسعى دائمًا لزيادة الإنتاجية بطرق قد تكون ضارة، مما يؤثر سلباً على البيئة المجاورة. يُستهلك جزء كبير من الطاقة الشمسية، مما يُسهم في تبخر المياه من النباتات والتربة، ويؤدي إلى تقليص المناطق المكشوفة والغطاء النباتي. كما تزداد حركة السيارات في هذه المناطق، مما يزيد من الضوضاء والتلوث الناتج عن عوادمها.
  • المشاكل الصحية: أثر التحضر سلبًا على صحة الأفراد، حيث ارتفعت معدلات الوفيات الناتجة عن الأمراض غير المعدية المرتبطة بأسلوب الحياة، مثل السرطان وأمراض القلب، إضافة إلى زيادة حالات التسمم الغذائي.
Published
Categorized as معلومات عامة