الالتزام والإخلاص في العمل

الإخلاص

تُعتبر نيّة المسلم العنصر الأساسي في فعل الخير، لكن قد تتعرض هذه النيّة لبعض الشوائب والعيوب التي قد تُخلّ بها، مما يؤدي إلى نقص العمل أو القول وبالتالي عدم قبولها عند الله سبحانه وتعالى. وتشمل هذه الشوائب: الرياء، والذي يجعله يسعى لإنجاز الأفعال أو قول أقوال معينة أمام الناس، على أمل اكتساب مكانة بينهم أو الشهرة. ويُعتبر الرياء من صفات المنافقين، حيث قال الله تعالى: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّـهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّـهَ إِلَّا قَلِيلًا). وهناك أيضاً رغبات النفس، والتي تدفع الإنسان لأداء الأفعال بهدف نيل مدح الآخرين وحبهم، والابتعاد عن ذمهم. وكلا هذين الشائبين يمثلان خطراً محتملاً على قبول العمل عند الله سبحانه وتعالى. لذا، يكون الإخلاص لله تعالى هو الوسيلة لتصفية النية وتنقيتها.

تعرف الإخلاص بأنه قيام الإنسان بالعمل خالصاً لوجه الله تعالى وحده، مع الابتعاد عن الرياء والشهرة بين الناس، وتحقيق نقاء الفعل من أي شائبة. حتى يُقبل عمل الإنسان، يتعين تحقق شرطين: الأول، أن يكون الهدف من العمل رضا الله تعالى، والثاني، أن يكون العمل وفقاً للأحكام الشرعية. وقد ذكر الله تعالى الإخلاص في العديد من الآيات القرآنية، فقال: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّـهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ).

أما بشأن حكم الإخلاص، فيُعتبر واجباً على كل مسلم ومسلمة، حيث أمر الله تعالى عباده بالإخلاص في العبادة، كما في قوله: (نَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّـهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ). كما أمرهم بالإخلاص في الدعاء، حيث قال: (وَأَقيموا وُجوهَكُم عِندَ كُلِّ مَسجِدٍ وَادعوهُ مُخلِصينَ لَهُ الدّينَ كَما بَدَأَكُم تَعودونَ).

في حال واجه المسلم وساوس من الشيطان الرجيم أثناء مجاهدته لتحقيق الإخلاص، يجب عليه الاستعاذة بالله تعالى من الشيطان الرجيم، وترديد: أَعُوذُ بِالله مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ. مع تكرار هذه العبارة، وإذا استمرت الوساوس، ينبغي عليه أن ينفث عن يساره ثلاث مرات، ويستعيذ من الشيطان.

كيفية تحقيق الإخلاص لله في العمل

من الضروري أن يسعى المسلم للإخلاص لله تعالى في أقواله وأفعاله ونواياه. ولتحقيق هذا الإخلاص، يجب التحلي بصفات معينة واتباع سلوكيات تسهم في ذلك. فيما يلي بعض هذه الصفات والأعمال:

  • السعي لعدم إظهار الأعمال التي يقوم بها، حيث إن المسلم المخلص لا يرغب في أن يلاحظه الآخرين.
  • الرغبة في عدم شهرة المسلم بما يقوم به.
  • الشعور المستمر بأن ما فعله ليس كاملاً وأنه يشعر بالتقصير تجاه الله تعالى.
  • الخوف من عدم قبول العمل.
  • المساواة بين مدح الناس وذمهم؛ فلا يشعر بالفخر عند المدح ولا يضيق صدره عند الذم.
  • استفادة من قصص وأخبار المخلصين في حياتهم والمقتدي بهم.
  • الحرص على فهم أهمية الإخلاص لله تعالى وتأثيره على حياة المسلم وأعماله، حيث إن تحقق الإخلاص يعني قبول الله لعمله.
  • التقرب إلى الله بالدعاء والإكثار منه.
  • استحضار قرب الله وحبه وعظمته في حياة المسلم، إذ أن كل خير يأتيه هو بفضل الله.
  • ملاحظة الجوانب التي يقصر فيها والأخطاء التي تقع.
  • الشعور بالخوف من اطلاع الله على خفايا النفس.
  • الحرص على القيام بالعبادات الخفية والإكثار من الأداء مثل صلاة الليل والصدقة والبكاء من خشية الله.
  • استشعار عظمة الله وقدرته وعبادته كما يجب.
  • التفكر في صفات الله وأسمائه الحسنى.
  • التفكر في الموت وأهميته، ومدى حتمية قدومه.
  • فهم العقوبات والعذاب الذي أعده الله لمن يتجه لعمله للرياء والمظاهر.
  • قراءة القرآن الكريم، وفهمه، وتطبيق أحكامه في الحياة اليومية.
  • مجاهدة النفس وتدريبها على الإخلاص.
  • التوجه لمجالس العلم والذكر للحصول على الفائدة والنصح.
  • شكر الله على النعم العديدة التي لا تُعد ولا تُحصى.
  • الإخلاص في العمل يعني اتقان العمل كما ينبغي، وتنفيذه بشكلٍ يرضي الله دون السعي لنيل الثناء من الناس.

ثمرات الإخلاص

عندما يحقق المسلم الإخلاص في مجالات حياته، فإنه سيحصد نتائج إيجابية. فيما يلي بعض ثمار الإخلاص:

  • الإخلاص طريق لدخول جنات النعيم والاستزادة من فضائلها.
  • الرفعة في الدرجات والشرف في الدنيا والآخرة.
  • حماية المسلم من كل أذى وضغوط الشيطان.
  • تحقيق البركة في الأعمال والاستمرار في الطاعة.
  • تنقية النفس من الضغائن والأحقاد.
  • مغفرة ذنوب المسلم المخلص، ومحوا سيئاته.
  • تخفيف الضغوط والهموم التي تواجه المسلم.
  • كسب شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم القيامة.
  • الإخلاص سبب في رضا الله ونجاة المسلم من غضبه.
Published
Categorized as المال والأعمال