تعتبر الصلاة ركيزة أساسية من ركائز الإسلام، وهي عماد الدين الذي لا يُقبل العمل بدونه. كما أن صلاة الجماعة تُعدّ أكثر ثوابًا من صلاة الفرد، حيث يؤدي المصلون عبادتهم في صفوف خلف إمام واحد. في هذا المقال سنستعرض من هو الأحق بالإمامة في الصلاة.
من يتولى إمامة المصلين
يتساءل الكثيرون ممن يصلون جماعة عن الشخص الذي يمكن أن يُعهد إليه بالإمامة. وقد حددت الشريعة الإسلامية أولويات الإمامة بحيث يتولى الأحق بالإمامة من يتمتع بأعلى درجة من الفقه بالدين، يتبعه الأفضل في التلاوة، ثم الأكثر ورعًا، يليه الأكبر سنًا، ثم الأكثر حسن سيرة، والأحق في الذكر.
بعد ذلك يأتي الأنظف ثوبًا وبدنًا، يليه الأجمل صوتًا، ثم الأبهى صورة. يُسمح لأحد هؤلاء أن يتقدم لإمامة الصلاة، ومن المعتقد أن إمام المسجد الذي يتواجد فيه هو الأحق حتى لو كان الأقل فقهاً. كما أن السلاطين والقضاة والولاة يتقدمون في هذا المجال.
من أهم الشروط التي يجب توفرها في الإمام هي نية الإمامة التي يجب أن تنعقد في القلب، كما يجب أن يكون طاهرًا ولم يُنقض وضوؤه بشيء، ومن المفضل أن تكون تلاوته جيدة، وألا يكون بينه وبين المأمومين حاجز مثل باب أو جدار.
الأولوية في اختيار الإمام وفقًا للمذاهب الأربعة
تباينت آراء الأئمة الأربعة حول من يُعتبر الأحق بالإمامة في الصلاة حيث قال كل منهم:
- الحنفية: يرون أن المتفقه في الدين أولى بالإمامة من حسن التلاوة.
- المالكية: يفضلون في الإمامة الحاكم، ثم إمام المسجد، ثم الأكثر فقهًا، شرط أن يتسم كل منهم بنفس الصفات.
- الشافعية: يرون أن الأولوية للإمام الأجير، ثم الأعلى في الفقه، وإن لم يكن هناك، يُقدم الأكثر فقهًا، فالأكثر حسن قراءة، ثم الزاهد، ثم الأول في الإسلام، ثم ذي النسب، ثم الأنظف، فالأجمل صوتًا.
- الحنابلة: يعتبرون أن الأفضل تلاوة للقرآن هو الأحق بالإمامة، يليه الأكثر فقهًا، ثم الأقدم إسلامًا، ثم الأشرف مقامًا.
آداب المأموم في اتباع الإمام
يُعد اتباع المأموم للإمام واجبًا شرعيًا، حسب حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الإمام ليؤتم به، فإذا كبرت فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا لك الحمد، وإذا سجد فاسجدوا). لذا، يجب على المأموم الالتزام بالآداب التالية:
- التوجه إلى صلاة الجماعة بطمأنينة ووقار، وعدم الإسراع للحاق بالصلاة، كما يوصي الحديث النبوي: (إذا سمعتم الإقامة، فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار، ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا).
- يمكن للمأموم أن يتبع ما أدركه من الصلاة عند وصوله، ثم يعوض ما فاته.
- يجب على المأموم أن يدخل الصف ويتبع الإمام مراحل الصلاة دون أن يسبقه أو يتأخر عنه عمدًا، لأن ذلك يفسد عبادته.
- من الواجب على المأموم أن يرفع الصوت بقول الإمام عندما لا يصل صوته لبقية المأمومين.
- يجب على المأموم أن يحمد الله عند القيام من الركوع بقول (ربنا لك الحمد) بعد قول الإمام (سمع الله لمن حمده).
الأشخاص الذين لا يُفضل أن يتولوا الإمامة
بعد أن استعرضنا أفضلية الإمامة، سنوضح الآن الأشخاص الذين يُفضل تجنبهم في هذا المنصب:
- العالم الفاسق: وهو عالم لا يهتم بدينه، ولا يُفضل توليه الإمامة إلا في حالات الضرورة.
- الشخص المكروه: لا يجوز أن يتولى شخص مكروه من قومه إمامة الصلاة، لأن ذلك يُفسد الصلاة.
- الأعمى: الأئمة مثل الحنابلة والشافعية والمالكية يرون أن إمامة الأعمى مكروهة، ولكن الحنفية يسمحون بها إذا كان الأعمى الأكثر علمًا بين المصلين.
- الأمي: لا يجوز أن يكون الإمام أميًا لا يحسن القراءة، إلا أن العجم يُستثنون من ذلك.
- الجنابة: من غير المسموح أن يكون الإمام جنبًا عمدًا، إذ أن ذلك يفسد الصلاة بالإجماع بين العلماء.
فضل صلاة الجماعة
سبق وذكرنا أن صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرض المنفردة، وفيما يلي بعض فضائلها:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صلاة الجماعة خير بخمس وعشرين درجة من أداء الصلاة وحدها، ويمحو الله الأذى بها في كل خطوة إلى المسجد).
- تعزز صلاة الجماعة الروابط الاجتماعية في المجتمع الإسلامي، حيث يجتمع الناس مع إمامهم في عبادة الله في أجواء تدل على الوحدة في التوحيد.
- توضح صلاة الجماعة المساواة بين الناس، فلا فرق بين عربي وأعجمي، ولا أبيض أو أسود، ولا فقير أو غني، حيث يُختار الإمام الأكثر فقهًا والتلاوة.
- إن الملائكة تدعو بالرحمة والغفران لمن يؤدي صلاة الجماعة.
بذلك، اختتمنا مقالنا حول من يتولى إمامة الناس في الصلاة، وكيف أن الأولوية تكون للأكثر فقهًا. كما تناولنا تفاصيل المرتبة الأولى عند اختيار الإمام وفقًا للمذاهب الأربعة، وأكدنا أهمية آداب المأموم في الصلاة، بالإضافة إلى من لا يُفضل توليتهم الإمامة، وفي الختام استعرضنا فضل صلاة الجماعة.
أحدث التعليقات