يعتبر الإنفاق في سبيل الله من الوسائل التي تقرب العبد من ربه، وخاصة عندما يقوم المسلم بإنفاق أمواله في الأيام الأخيرة من شهر رمضان المبارك. إذ يسهم ذلك في إدخال البهجة إلى قلوب الفقراء في هذه الأوقات الفضيلة.
قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم: “أفضل الأعمال أن تدخل على أخيك المؤمن سرورًا، أو تقضي عنه دينًا، أو تطعمه خبزًا”.
الإنفاق في سبيل الله
من لطف الله سبحانه وتعالى بعباده أنه شرع لهم سبلًا تعينهم على التقرب إليه وكسب المزيد من الحسنات في الدنيا والآخرة.
قال الله تعالى في كتابه الكريم في سورة البقرة، الآية 261: “مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم”.
كما أن الإنفاق هو أمرٌ أوصى به رسولنا الكريم.
روى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: “أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتصدق، فقلت أسبق أبا بكر إن سبقته يومًا، فجئت بنصف مالي. فقال رسول الله: ماذا أبقيت لأهلك؟”.
فأجبت: نصف مالي، فجاء أبو بكر بماله كله، فقال له رسول الله: “ماذا أبقيت لأهلك”؟ أجاب: أبقيت لهم الله ورسوله، فقال عمر: لا أسابقه إلى شيء أبدًا.
ثمرات الإنفاق في سبيل الله
عندما ينفق الإنسان أمواله في سبيل الله، يحصل على فضل وأجر عظيم من رب العالمين، ومن بين الفوائد التي ينالها هي:
- الإنفاق في سبيل الله يظل العبد في يوم القيامة من حرارة الشمس عند قربها من الرؤوس.
- فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كل امرئ في ظل صدقته حتى يقضى بين الناس”.
- الصدقة تُطفئ غضب الرب وتدفع عن صاحبها ميتة السوء.
- كما ورد عن رسولنا الكريم أنه قال: “إن الصدقة لتطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء”.
- الإنفاق في سبيل الله يمكّن المسلم من تطهير النفس وتهيئة الروح، ويعزز الزكاة القلب.
- قال الله تعالى في الآية 103 من سورة التوبة: “خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها”.
- الصدقة تؤدي إلى زيادة المال بدلاً من نقصان، كما قال رسول الله: “ما نقص مال من صدقة”.
- تضاعف الحسنات يوم القيامة حيث قد تصل إلى 700 حسنة.
- عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: “جاء رجل بناقة مخطومة إلى رسول الله وقال: هذه في سبيل الله، فقال رسول الله: لك بها يوم القيامة سبعمائة ناقة كلها مخطومة”.
- الصدقة تدفع الشياطين، إذ جاء عن رسول الله أنه قال: “لا يخرج أحد شيئًا من الصدقة حتى يفك عنها لحي سبعين شيطانًا”.
أنواع الإنفاق في سبيل الله
يتعين على كل مسلم أن يتعرف على طرق الإنفاق الشرعية لتفادي ضياع أجره في طرق غير معروفة. وتنقسم أوجه الإنفاق الشرعية إلى نوعين:
- الإنفاق الواجب: مثل الإنفاق على النفس والزوجة والأبناء والزكاة المفروضة في مواعيدها.
- الإنفاق المستحب: وهو ما ينفقه الفرد في الخير مثل الفقراء والمساكين والأرامل واليتامى، وصدقة التطوع، والتبرعات للمؤسسات الخيرية.
شروط الإنفاق في سبيل الله وآدابه
يجب على الفرد قبل الإنفاق أن يكون مدركًا لكافة آدابه ليجني ثمارها في الدنيا والآخرة، وهذه الآداب تشمل:
إخلاص النية
- ينبغي أن تكون النية في الإنفاق موجهة لله عز وجل فقط، وليس لطلب السمعة أو الرياء، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى”.
الاعتدال عند الإنفاق
- يجب على المسلم أن يتحلى بالاعتدال دون إسراف أو بخل، كما قال الله تعالى: “والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا، وكان بين ذلك قوامًا”.
إنفاق المال الطيب الحلال
- ينبغي الإنفاق من الأموال الطيبة، فقد قال تعالى: “يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم”.
تجنب المن والأذى
- يجب الابتعاد عن المن والأذى عند التصدق، كما جاء في الآية: “لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى…”.
أولى الناس بالإنفاق
الصدقات يجب أن تُعطى لمن هم في حاجة إليها، وذكر الله تعالى في كتابه الكريم الفئات المستحقة للصدقة.
في الآية 36 من سورة النساء نقرأ: “وبالوالدين إحسانًا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت أيمانكم”.
الآيات التي تدعو إلى الإنفاق في سبيل الله
- يعتبر الإنفاق في سبيل الله مفهومًا أساسيًا في الإسلام وقد تم التعبير عنه في عدة آيات قرآنية، التي تدعو إلى تقديم الأموال والمساعدة للمحتاجين.
من الآيات التي تدعو إلى الإنفاق في سبيل الله:
- قال الله تعالى: “انفروا خفافًا وثقالاً وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله”.
- قال الله تعالى: “إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة”.
- قال الله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم”.
- قال الله تعالى: “وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقيوا بأيديكم إلى التهلكة”.
- قال الله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم”.
قصص عن الإنفاق في سبيل الله
تتعدد نماذج الإنفاق في سبيل الله ومن أبرزها:
وقف أرض بني النجّار لبناء مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
قال النبي صلى الله عليه وسلم لبني النجار: “يا بني النجار ثمنوني بحائطكم”، فقالوا: “لا نطلب ثمنه إلا إلى الله”. وهذا يُعد من أسمى صور الإنفاق في سبيل الله.
إنفاق سيدنا عثمان بن عفّان -رضي الله عنه-
سيدنا عثمان بن عفّان له شواهد كثيرة في إنفاقه، منها شراؤه لبئر رومة وجعله وقفًا للمسلمين، كما جهز غزوة تبوك بثلاثمائة بعير وما يحتاجه المجاهدون.
أحدث التعليقات