الإمبراطور الروماني قسطنطين وأهم إنجازاته

تعريف بقسطنطين

قسطنطين يعد من أبرز الشخصيات في تاريخ الإمبراطورية الرومانية، حيث أحدث تأثيراً كبيراً على تاريخها وعلى تاريخ أوروبا ككل. يُعتبر قسطنطين واحدًا من الأباطرة العظام في تاريخ الإمبراطورية، وقد أسهم في اعتراف الإمبراطورية بالمسيحية كدين رسمي. كما أنه كان أول من أسس مدينة القسطنطينية عام 315م، والتي شكلت لاحقًا نواة للإمبراطورية البيزنطية. وفيما يلي أبرز المعلومات عن الإمبراطور قسطنطين:

الاسم الكامل فلافيوس فالريوس أوريليوس قسطنطينيوس، المعروف بلقب (قسطنطين الأعظم)
تاريخ الميلاد 27/2/272م أو 17/2/280م (حسب بعض المصادر)
تاريخ الوفاة توفي عام 337م.
مكان الميلاد مدينة نيسوس (نيش الحالية في صربيا) في إقليم البيريا
بلد الأصل الإمبراطورية الرومانية
العصر ينتمي قسطنطين إلى العهد الإمبراطوري الثاني الذي ابتدأ من حكم دقلديانوس (284 – 305م)
المنصب أحد أباطرة الإمبراطورية الرومانية

نشأته

الإمبراطور قسطنطين وُلِد كابن غير شرعي للقيصر قسطنطيوس كلوروس من خليلته هيلينا، المعروفة أيضًا في المصادر العربية باسم هيلانة. التقى والده بها في بيثينيا عندما كانت تعمل كنادلة في حانة، وبعد سنوات تركها ليتزوج من ثيودورا ابنة الإمبراطور ماكسيميانوس. نشأ قسطنطين يحمل شخصية مميزة، وقد عُرف بحكمته وذكائه، مما أهله ليصبح سياسيًا وعسكريًا بارعًا.

أرسل والده قسطنطين إلى نيقوميديا، حيث نشأ بين أروقة القصر الإمبراطوري، مما أتاح له الاطلاع على العديد من أسراره، وقد شهد العديد من الأحداث المهمة في تلك الفترة رغم عدم حصوله على مستوى تعليمي عالٍ. وقد أقدم على دعم الطلاب في سعيهم للعلم خلال فترة شهدت فيها الإمبراطورية نهضة علمية ملحوظة.

في سن الخامسة عشر، انضم قسطنطين إلى الجيش، وأظهر براعة وشجاعة في فنون القتال، سرعان ما تمت ترقيته إلى رتبة قائد في الثامنة عشر. بعد استقالة ديوقليتيانوس وتولي غلاريوس الحكم، تم فصل قسطنطين من الجيش ومع ذلك أُبقي عليه بسبب شعبيته بين الجنود. على الرغم من محاولات غلاريوس للتخلص منه، نجا قسطنطين من المحنتين، ثم التحق بوالده في حكم الغالة وإسبانيا وبريطانيا.

أسرة قسطنطين

تكونت أسرة قسطنطين من والده قسطنطيوس كلوروس، وأمه هيلينا، التي أصبحت قديسة في الدين المسيحي. وتزوج والده من ثيودورا، وابنته ابنة ماكسيميانوس. لديه ثلاثة إخوة هم: (يوليوس، دلماشيوس، وهانيباليانوس) وثلاث شقيقات: (أنسطاسيا، أوتروبيا، وقسطنطنيا) وأخت من والده تدعى أناستاسيا.

تزوّج قسطنطين مرتين؛ الأولى من منرفينا وأنجب منها (كرسبس) وابنين، ثم تزوج للمرة الثانية من الأميرة فاوستا، وأنجب منها ثلاثة أولاد هم: (قسطنطين الثاني، قسطانز الأول، وقسطنطيوس الثاني) الذين تولوا الحكم بعد وفاة والدهم كما يلي:

  • قسطنطين الثاني: ملك غرب الإمبراطورية الرومانية.
  • قسطانز الأول: حكم الجزء الأوسط لإليريا وشمال إفريقيا.
  • قسطنطيوس الثاني: تولى قيادة الجزء الشرقي للإمبراطورية الرومانية.

حركات التمرد والحروب الأهلية

عانت الإمبراطورية الرومانية من العديد من حركات التمرد والحروب الأهلية، مما يستدعي تقسيمها إلى مرحلتين رئيسيتين.

حركات التمرد في عهد قسطنطيوس كلوروس

تعرضت الإمبراطورية للعديد من الهجمات، مثل هجمات قبائل البيكت الجرمانية التي تهدد النفوذ الروماني في بريطانيا. استدعى قسطنطيوس ابنه قسطنطين لدعم حماية الحدود الشمالية. ونجح هو وأبوه في طرد المعتدين.

عاد قسطنطيوس إلى يورك حيث توفي، وبعد ذلك تم مبايعة قسطنطين ليصبح شريكًا في الحكم بالرومانية التي كانت تُدار بنظام الحكم الرباعي.

حركات التمرد بعد وفاة قسطنطيوس

تولى قسطنطين العرش عام 306م بعد وفاة والده، مما أدى إلى اندلاع حرب أهلية استمرت حتى 310م، تنازع خلالها ثلاثة زعماء على السلطة.

  • لكينيوس في الشرق.
  • ماكسنيتيوس في إيطاليا.
  • قسطنطين في بريطانيا والغالة.

نجح قسطنطين في الانتصار على ماكسنيتيوس في معركة جسر ملفيان، وبذلك أصبح ملكًا على الغرب، حيث تقاسم السلطة مع لكينيوس حتى 324م، حتى هزمه في النهاية وأعاد وحدة الإمبراطورية.

إنجازات قسطنطين

شهد عهد قسطنطين العديد من الإنجازات وخاصة في السياسة والعسكرية.

إنجازاته السياسية

اتبعت رؤى قسطنطين النهج الذي بدأه دقلديانوس، فكانت أهم إنجازاته:

  • الفصل بين السلطتين الحربية والمدنية، بحيث يكون المسؤول عن الشؤون المدنية والقيادة العسكرية منفصلين.
  • إلغاء النظام الرباعي الذي وضعه دقلديانوس.
  • إدخال نظام الحكم الوراثي للإمبراطورية، حيث تكمل عائلته الحكم من بعده.
  • اعتماد قسطنطين وعائلته على دعم الجيش والشؤون الدينية لتأييد حكمهم.

إنجازاته العسكرية

حقق قسطنطين نجاحات ملحوظة في المجال العسكري من بينها:

  • تقليص عدد الفرق العسكرية مقارنة بأيام دقلديانوس.
  • فتح الأبواب أمام المواطنين الجرمان للتطوع في الجيش الإمبراطوري.

إنجازاته في مختلف المجالات

شهدت الفترة التي حكمها إنجازات مؤثرة في مختلف المجالات منها:

  • الاعتراف بالمسيحية كدين رسمي في الإمبراطورية.
  • نقل العاصمة من روما إلى مدينة القسطنطينية الجديدة.
  • تنفيذ إصلاحات في مجال الأراضي وتحسين الأوضاع الاقتصادية.
  • تحسين العملة الرومانية وتطوير الوضع الاقتصادي.

قسطنطين والمسيحية والعقيدة النيقية

استمرت سياسة التسامح الديني التي أُقرت في ميلان عام 312م، وفق مبدأ المساواة بين جميع الأديان:

موقف قسطنطين من المسيحية

بعد انتصاره على ليكينيوس، أكد قسطنطين أن انتصاره كان بفضل المسيح، ولم يُجبر أي شخص على اعتناق دين معين.

الحوار بين الأساقفة

كان هناك اختلافات بين رجال الدين المسيحيين، فتدخل قسطنطين لتهدئة الأوضاع، موجهًا بدعوة للانعقاد في مجمع نيقية.

مجمع نيقية

خاطب المجمع بطريرك أنطاكيا وعبّر عن شكره لقسطنطين، الذي دعا إلى العودة للكتاب المقدس. انتهى الاجتماع بقبول قرارات جوهرية تشمل عيد الفصح والمعمودية.

تأسيس مدينة القسطنطينية

تأسيس قسطنطينية كمركز إمبراطوري يُظهر شجاعة قسطنطين. كانت روما مركزًا تاريخيًا للعظمة، لكن قسطنطين أراد إنتاج عاصمة تتماشى مع توجهاته الدينية والسياسية.

الدوافع الخلفية

  • الدافع الديني: الحاجة إلى عاصمة جديدة تحتضن المسيحية.
  • الدافع السياسي: تحقيق مركز واحد لحكم الدولة وتخفيض نفوذ السلطة التقليدية.
  • الدافع العسكري: حماية الإمبراطورية من الخطر المحدق من الشرق.
  • الدافع الاقتصادي: الانتقال من غرب الإمبراطورية نحو الشرق الذي بات يعد مركزًا تبادليًا رئيسيًا.
  • الدافع الاستراتيجي: الموقع الجغرافي المميز للقسطنطينية كحماية من أي غزو.

وفاته

في السنوات الأخيرة من حياته، انكب قسطنطين على مواجهة تهديدات خارجية، خاصة من الفرس، مما أدى إلى تجهيز جيش تحت قيادته. نتيجة تعرضه لمرض مفاجئ عام 337م، انتقل إلى قصر أشيريون لتلقي العلاج.

بعد شعوره بشؤم وفاته، طلب قسطنطين تعميده. أسقف نيقوميديا قام بتعميده وفق الطقوس الأريوسية، وارتدى الثوب الأبيض، ووافته المنية في 22/ماي/337م عن عمر يناهز 64 عامًا. نُقل جثمانه إلى القسطنطينية حيث دُفن في كنيسة خاصة.