خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان في أجمل صورة، ومنحه العقل والقدرة على التفكير في آيات خلقه. وقد أفرزت العلوم الحديثة، بفضل التقدم التكنولوجي، العديد من الحقائق والأسرار التي كانت غامضة في الماضي، والتي ذُكرت بشكل دقيق في القرآن الكريم والسنة النبوية، مما يبرز الإعجاز العظيم في كليهما.
في السطور التالية، نسلط الضوء على بعض جوانب الإعجاز والإبداع في خلق الإنسان:
تحظى مسألة إنسانية الإنسان باهتمام بالغ في القرآن الكريم، فهو المخلوق الذي خلقه الله بكل كمال. وهذا المخلوق هو من حمل الأمانة العظيمة التي عجزت عنها سائر المخلوقات. ومن أسرار الخلق المدهشة التي لا يزال العلماء في حيرة من فهمها هي الروح، التي تبقى لغزًا عظيمًا في حياة الإنسان.
يقول الله سبحانه وتعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا). تشير الأبحاث العلمية إلى عدم قدرة الإنسان على إدراك العوامل الحقيقية وراء الوظائف الحيوية، مما يُبرز سر الروح والحياة. تشير بعض الدراسات إلى أن فهمنا للوظائف التشريحية لا يرقى إلا إلى بعض جوانبها، لكن ما وراء ذلك يظل غامضًا.
إلى جانب ذلك، يثير الكثير من التساؤلات مثل: كيف يُفكر الإنسان؟ كيف يتحرك؟ وما سبب قدرته على الضحك والبكاء والغضب؟ كل هذه الأسئلة تشير إلى الإعجاز العظيم في الروح الإنسانية، وتعزز الإيمان بالله الخالق الغني بالقدرة على الإبداع.
تعتبر مراحل خلق الإنسان وتنظيمها دليلًا قويًا على عظمة الله وقدرته في الإبداع. إذا تأملنا في عملية تكوّن الإنسان، نجد أنه يبدأ من قطرة ماء صغيرة في رحم الأم، ثم يتحول من طور إلى آخر حتى يتشكل الجسد. تنتقل هذه القطرة عبر مراحل مختلفة، بدءًا من العلقة إلى المضغة، ليبدأ بعد ذلك تشكل العظام، ثم يُكسى اللحم وتشدد الأوتار والأعصاب.
تتواصل عملية تشكّل الأعضاء بانسجام وتركيب متناغم، وهذه الحقائق تجسد أسرارًا لا يحيط بها عقل. يقول سبحانه وتعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ* ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ* ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ﴾.
كما يقول مؤلف موسوعة فقه القلوب: “في الإنسان من العجائب ما تتلاشى الأعمار في محاولة استيعابه، وتَعجز العقول عن إدراك عمقه، وتَعجز الألسنة عن وصفه”. إن هذا جزء بسيط من الإبداع في خلق الإنسان. فما بالك إذا تأمل الإنسان أدق تفاصيل جسمه وحواسه وأعضائه؟ سيكتشف معجزات مذهلة. قال الله -تعالى-: (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ).
أحدث التعليقات