يقول الله سبحانه وتعالى: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّـهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ). هذه الآية تتضمن إعجازاً علمياً يبرهن على معلومات علمية حديثة لم يتم اكتشافها إلا في النصف الثاني من القرن العشرين.
يكمن الإعجاز العلمي في العبارة التي تتحدث عن “إنزال الحديد”، حيث تشير فكرة الإنزال إلى أن الحديد لم يكن موجوداً على الأرض ولكنه نزل إليها لاحقاً. وقد واجه تفسير هذه الآية صعوبة لدى المفسرين القدماء، الذين فسروا “أنزلنا” بمعنى خلقنا أو استخدمنا، وهذا يعكس تغييراً في المعنى الحقيقي للمصطلح. إلا أن العلم الحديث يتوافق مع المعنى الحرفي ويدعم الرأي القائل بأن الحديد جاء من مصادر خارج كوكب الأرض.
أكد الباحثون أن الحديد لا ينشأ على الأرض ولا في المجموعة الشمسية، نظراً لأن تكوينه يستلزم تفاعلات نووية تحتاج إلى حرارة تفوق أربعة أضعاف حرارة الشمس، وهذه الحرارة توجد في نجوم أكبر من الشمس. لذلك، نشأ الحديد في تلك النجوم، وعندما انفجرت، وصلت أجزاء منه إلى كوكبنا.
إن تدفق الحديد إلى كوكب الأرض لا يزال مستمراً، حيث تسقط آلاف النيازك التي تحتوي على الحديد سنويًا. على سبيل المثال، سقط نيزك في منطقة أمريكية وزنه حوالي اثنين وستين طناً، وهو يتكون من سبائك الحديد والنيكل. كما سقط نيزك آخر في أريزونا الأمريكية، مما أحدث حفرة عميقة يصل عمقها إلى مئتي متر وعرضها إلى ألف متر، من والتي تم استخراج عشرات الأطنان من الحديد والنيكل.
أما عبارة “فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ”، فقد أثبت علماء الكيمياء أن الحديد من أكثر المعادن استقراراً وقوة ومرونة وكثافة وقدرة على تحمل الضغط، مما يبرز خصائصه المميزة كعنصر قوي.
ومن الملاحظ أيضاً أن سورة الحديد تحتل المرتبة السابعة والخمسين في ترتيب سور القرآن الكريم، وهو نفس الرقم الذي يمثل الوزن الذري لذرة الحديد. بالإضافة إلى ذلك، الآية التي تناولت الحديد في هذه السورة هي الآية السادسة والعشرون بعد البسملة، وهذا يتطابق مع الرقم الذري لذرة الحديد، وهو ما يدعو للاستغراب إذ قد يبدو كأنه مصادفة غير طبيعية.
تُعد سورة الحديد من السور المدنية، أو من المحتمل أن بعض آياتها مكية. وهي السورة رقم سبعة وخمسين في المصحف الشريف، وعدد آياتها تسع وعشرون وفقاً لمدرسة الكوفيين، وثمان وعشرين وفقاً لآراء أخرى.
تمتاز سورة الحديد باسمها بسبب ورود كلمة “الحديد” فيها، وتبحث موضوعاتها في تنزيه الله سبحانه وتعالى، وتشجع على الإنفاق والخشوع والإيمان، كما تميز بين مصير المؤمنين والمنافقين.
أحدث التعليقات