الإطار المكاني والزماني لقصة مستقبلية تتناول رحلة إلى الغد

الإطار المكاني والزماني في رواية “رحلة إلى الغد”

يعتبر الإطار المكاني والزماني من العناصر الحيوية في رواية “رحلة إلى الغد” وأي سرد روائي متخيل، إذ لا يمكن أن تتقدم الأحداث في أي عمل أدبي في الفراغ. فهما المساحة التي تعيش فيها الشخصيات وتمضي خلالها فترات حياتها المتخيلة. كما أن القارئ يميل إلى التركيز على الشخصيات، خصوصًا الشخصية الرئيسية، وعندما تغيب هذه الشخصية، تفقد الرواية جزءًا كبيرًا من إثارتها.

من المهم أيضًا الإشارة إلى أن المكان والزمان يحملان دلالات تؤثر مباشرة على السرد. يتم توظيفهما في النص الروائي بطريقة تتماشى مع محتواه وأفكاره، فلا يمكن فصل الزمان والمكان في دلالتهما عن جوهر العمل الأدبي. كل عنصر من عناصر السرد له دور حاسم في تشكيل النص وبتنظيمه.

الإطار المكاني في رواية “رحلة إلى الغد”

تعتبر المواقع في رواية “رحلة إلى الغد” من الأمكنة ذات الدلالات العميقة التي أثرت بشكل كبير على السرد والشخصيات. فالمكان لم يعد مجرد إطار تعيش فيه الشخصيات وتتفاعل، بل أصبح فضاءً متخيلًا يؤثر بشكل مباشر على تطور الأحداث، وبدونه، تصبح الشخصيات كائنات غير مكتملة، حتى لو كانت مجرد خيال.

عند تحليل الرواية، يظهر أن أولى السياقات المكانية هي “السجن”، الذي ترك أثرًا سلبيًا على الشخصية الرئيسية المعروفة بالسجين الأول. فقد كانت أسباب هذا السجن تتمثل في حكم بالإعدام لقتله عمدًا الزوج السابق لزوجته. ولكن الأخيرة قامت بالإفصاح عنه وتسليمه للشرطة، مما أدى إلى حبسه لفترة حتى تنفيذ الحكم. وقد أدى confinement إلى زيادة حنقه نتيجة الفراغ ومشاغل الفكر.

في المقابل، الفضاء الثاني يتمثل في غرفة مغلقة داخل صاروخ فضائي، حيث تم وضع السجينين داخل هذا الصاروخ وإرسالهم إلى الفضاء في حالة غياب الوعي. وعندما استيقظا، وجدا نفسيهما في سجن جديد، حيث انتقلا من سجن الأرض إلى سجن السماء. أثرت طبيعة هذه الحجرة عليهما، مما جعلهما يتحدثان بصراحة عن كل ما مرّا به.

أما المكان الذي وجداه في النهاية فهو الكوكب الكهربائي، الذي اكتشفاه بعد هبوط الصاروخ. وقد فوجئا بقدرتهما على البقاء فيه دون الحاجة إلى الهواء أو الماء أو الطعام، إذ كانت الشحنات الكهربائية تكفي لذلك. رغم توفر جميع مقومات الكمال في هذا المكان، شعرا بالملل سريعًا.

الإطار الزماني في رواية “رحلة إلى الغد”

عند النظر إلى الإطار الزماني في الرواية، نجد أنها تتبع آلية السرد التتابعي، حيث تسير الأحداث بشكل مرتب من نقطة البداية إلى النهاية. تسمح هذه الآلية للقارئ بالاطلاع على الأفكار المختلفة والتدرج حتى يصل إلى نقطة الأزمة في السرد، لكن الكاتب لا يقتصر على هذه الطريقة فقط، بل يستخدم أيضًا تقنيات أخرى مثل الاستباق والاسترجاع والتوقيف.

تظهر تقنية الاسترجاع عندما يستذكر الراوي أحداث جريمته بدءًا من لحظة لقائه بزوجته، حيث كانت تتحدث عن همومها وتنقل عذابها بسبب تعنيف زوجها. يثير هذا الاستذكار شعور البطولة، ويجعله يتأمل إمكانية الانتقام منها بسبب خيانتها.

أما تقنية التوقف، فتظهر في عدة نقاط، حيث يستخدم الكاتب الحوار ليتناول آراء الشخصيات وأفكارها، مما يكشف عن خصائص كل منها. يعد هذا الأسلوب أحد العناصر المفضلة في السرد، لأنه يعبر عن شخصية الرواية ويجذب القارئ نحوها بشكل أكثر واقعية.

أما تقنية الاستباق، فتظهر بعد أن يصلح السجينان الصاروخ، حيث انتقل الراوي مباشرة إلى الزمن المستقبلي، موضحًا عودة السجينين إلى كوكب الأرض. يكشف لنا الكاتب عن نمط الحياة في المستقبل وتطوراتها نحو مزيد من الحضارة، مستغلًا هذه التقنية للحديث عن توقعاته وآفاقه المستقبلية.

Published
Categorized as معلومات عامة