تعتبر الأنانية من الصفات السلبية المستمدة من كلمة “أنا”، وتعبر عن حب الذات والانشغال بالمصالح الشخصية، وهي نقيض الإيثار. إن الأنانية تدفع الفرد للنظر إلى نفسه بعين التعظيم، وتظن أنه الأحق بكل شيء جيد دون اعتبار للآخرين. ومثال ذلك هو قول إبليس لربه في سياق السجود لآدم عليه السلام، حيث جاء في القرآن الكريم: (قالَ ما مَنَعَكَ أَلّا تَسجُدَ إِذ أَمَرتُكَ قالَ أَنا خَيرٌ مِنهُ خَلَقتَني مِن نارٍ وَخَلَقتَهُ مِن طينٍ). لقد كانت الأنانية سبباً في عصيان إبليس لأمر الله -تعالى-.
إن الأنانية تجعل الشخص يشعر بأنه يستحق جميع الخيرات، ويعتبر الآخرين غير مستحقين لها. ومن الضروري أن يتحلى الفرد بوعي وموضوعية في تقييم الأمور، ليتسنى له إعطاء كل ذي حق حقه. والإيثار هو من سمات الأخلاق الإسلامية الراقية، خاصةً عند ملاحظة تداخل الحقوق وزهد الأفراد فيما يمتلكه الآخرون.
تخيل مجتمعًا تتسرب إليه الأنانية، حيث لا يرى أفراد المجتمع إلا مصالحهم الشخصية، كيف سيكون وضع هذا المجتمع؟! ستتحول الأنانية من سمة فردية إلى سمة مجتمعية، مما يؤدي إلى تكوين مجتمع يسيطر عليه حب الذات ولا يرى سوى نفسه.
لقد دعا الإسلام إلى مكارم الأخلاق ورعاها بالكلمات والأفعال، وأحد هذه الفضائل هو الإيثار. إن الدعوة إلى الإيثار تتطلب النهي عن الأنانية وحب الذات. وقد أثنى الله -تعالى- على الأنصار الذين آثروا ما لديهم من خير لإخوانهم المهاجرين.
يقول -تعالى-: (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ). هنا يشير الله إلى فضيلة الأنصار الذين آثروا إخوانهم بما لديهم من خيرات.
وتشير السنة النبوية أيضًا إلى أهمية الإيثار وتفضيل الآخرين، حيث يعتبر دليلاً على كمال الإيمان. يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ، حتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ). فقد أكد النبي -صلى الله عليه وسلم- أن كمال الإيمان يتحقق عندما يحب الإنسان الخير لأخيه المسلم، مما يعزز القيم النبيلة في المجتمع.
إن الشخص الذي يتمسك بأنانيته يخطو بخطوات واثقة نحو الغرور والتكبر، مما يجعله يقترب من مواطن العجب والاعتداد بالنفس بشكل مفرط. هذه الأنانية تقدم له شعورًا بالتفوق على الآخرين، مما يؤدي إلى تنازعاته معهم وزيادة أعدائه وتراكم الأحقاد. كما أن الأنانية تمنع الشخص من القبول بالنصح والإرشاد، مما يغلق في وجهه أبواب الخير.
فضلاً عن ذلك، فإن من نتائج الأنانية أيضًا تحلل النفس ودناءتها. يتحول الشخص إلى عبد لهواه، يسعى لتحقيق رغباته الذاتية مما يؤدي به إلى التدهور الأخلاقي ويجلب الشر والضرر للمجتمع.
أحدث التعليقات