يمثل الوجود الإسلامي في ألمانيا جزءًا من الظاهرة العالمية لهذا الدين، حيث تدعو نصوص الشريعة الإسلامية المسلمين إلى الانتشار في مختلف أنحاء الأرض، وتشجعهم على إيصال رسالة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- إلى البشرية جمعاء. قال الله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ).
امتدت الدعوة الإسلامية إلى أقصى بقاع العالم، بدءًا من آسيا وأفريقيا وصولًا إلى أوروبا، حيث شهدت القارة الأوروبية انتشارًا ملحوظًا للإسلام، والذي جاء نتيجة لعدة عوامل بما في ذلك الدعوة، والعوامل الاجتماعية، والسياسية، والدراسية، والمهنية. تُعتبر ألمانيا من أبرز الدول التي احتضنت الجاليات المسلمة.
يعود وجود المسلمين في ألمانيا إلى عصور تاريخية بعيدة، حيث بدأت الرحلة منذ القرنين السابع عشر والثامن عشر. وتم تشييد أول مسجد في مدينة “شويتنزنجن” الألمانية عام 1914م، والذي يعد بمثابة علامة بارزة على اعتراف البلاد بوجود المجتمع المسلم.
تطور الوجود الإسلامي في ألمانيا بعد الحاجة الماسة إلى اليد العاملة لإعادة بناء الدولة عقب الدمار الذي تعرضت له بسبب الحرب العالمية الثانية عام 1945م. وقد أدى هذا إلى تدفق عدد كبير من العمال، بما في ذلك المسلمين، مما ساهم في تعزيز تواجدهم في البلاد.
اليوم، يُعتبر المسلمون جزءًا أساسيًا من المجتمع الألماني، وفقَا لتصريحات مسؤولين حكوميين في وسائل الإعلام الألمانية. ويعتز المسلمون في ألمانيا بهويتهم الإسلامية، حيث لا تمثل هذه الهوية عائقًا أمام اندماجهم وتعايشهم مع المجتمع الألماني.
تُقدر عدد سكان ألمانيا بحوالي 82,286,000 نسمة في عام 2002م، مع كثافة سكانية بلغت 231 نسمة لكل كيلومتر مربع. ووفقًا للتطورات الحالية، يبلغ عدد السكان اليوم حوالي 83 مليون نسمة، حيث يشكل المسلمون حوالي 4.9 مليون نسمة من إجمالي السكان في البلاد.
تتسم السياسة الخارجية الألمانية تجاه العالم الإسلامي بالتغير وعدم الاستقرار أحيانًا، حيث تتأثر بتنوع العوامل الخارجية والداخلية، والتي يقودها غالبًا ثنائية الصناعة والطاقة، مما يؤثر على القرارات السياسية المتخذة. ومع ذلك، يمكن وصف العلاقة العامة بين ألمانيا والعالم الإسلامي بأنها تعتبر ودية، حيث تُعد الجالية المسلمة جزءًا فاعلًا من المجتمع الألماني، مما سمح لهم ببناء المساجد وتنظيم الدروس والفعاليات الدينية.
تنبذ الحكومة الألمانية أي شكل من أشكال الاعتداء أو الإساءة ضد المسلمين، رغم وجود بعض المواقف المتعصبة من أطراف يمينية ترفض مظاهر الدين بشكل عام، وبالأخص الإسلام.
نقل المسلمون إلى ألمانيا العديد من مظاهر عقيدتهم الإسلامية، ومن أبرز هذه المظاهر هو تشييد المساجد. فقد أقيمت عدة مساجد في مختلف المدن الألمانية، ومن بينها:
تأسس هذا المسجد في عام 1956م في مدينة آخن الألمانية من خلال جهود الجمعية الطلابية الإسلامية، إلا أن بنائه لم يكتمل إلا بعد أن تم توفير التمويل الكافي من الملك فيصل، ملك المملكة العربية السعودية في ذلك الوقت، ليكتمل المشروع في عام 1967م.
يقع هذا المسجد في العاصمة الألمانية برلين، وقد تأسس عام 2007م بدعم من الجالية الإسلامية في ألمانيا. ويعتبر هذا المسجد مكانًا للعبادة، ولكنه أيضًا يوفر خدمات اجتماعية وعائلية متنوعة للجالية الإسلامية.
أحدث التعليقات