الأهمية التاريخية لمدينة الخليل في فلسطين

أهمية مدينة الخليل التاريخية

فتحت مدينة الخليل أمام المسلمين في عام 13 هـ/636 م، ولم تغفل الخلفاء عنها حيث خصوها برعايتهم بسبب احتضانها لرفات نبي الله إبراهيم عليه السلام. وقد زاد الاهتمام بهذا المكان لما له من ارتباط مع الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، إذ أنه قد زارها قبل وفاته وسلمها للصحابي تميم بن أوس الداري.

في العصر العباسي، قام الخليفة المهدي بشق مدخل عند السور الشمالي الشرقي بارتفاع يصل إلى 3.5 متر، كما أضاف بابًا حديديًا صغيرًا للحرم الإبراهيمي. وفي ظل الحكم الفاطمي، شهد الحرم الإبراهيمي تطويرات عمرانية حيث تم بناء طابق للزوار حول المسجد، إضافةً إلى إنشاء التكية الإبراهيمية بجوار الحرم، مما ساعد على بقاء الحرم كنقطة إشعاع في العصر الإسلامي قبل مجيء الصليبيين.

خلال العصر الأيوبي، بعدما حرر السلطان الناصر صلاح الدين القدس والخليل من الصليبيين، شرع في بناء قبة المسجد ونقل منبر عسقلان إليه عام 1191م، وهو من المنابر الشهيرة التي أضافها المسلمون. كما قام الملك المعظم عيسى بين عامي 1180 و1226م بتوسيع المسجد من خلال إضافة رواق جديد، مع استمرار تقديم التكية لوجبات مجانية للعباد والزهاد والضيوف، وهو ما زال قائمًا حتى اليوم.

في العصر المملوكي، أولى المماليك اهتمامًا كبيرًا لمدينة الخليل حيث أنشؤوا العديد من المباني الخاصة والعامة، ومن أبرز هذه الأبنية الحمام المملوكي وبركة السلطان، التي أنشأها السلطان سيف الدين قلاوون في عام 682 هـ/1283م. كما أُدخلت مباني جديدة داخل وخارج الحرم الإبراهيمي، مثل المسجد الجاولي وزاوية الشيخ علي البكاء، إلى جانب الزوايا والمدارس، مما جعل المدينة مركزًا للبريد بين دمشق والقاهرة.

في عام 1517م، انتقلت المدينة تحت الحكم العثماني الذي عزز المرافق العامة من مختلف أشكالها مثل الخانات والسبل والحمامات. معظم منازل البلدة القديمة تعود للعصور الأيوبية والمملوكية والعثمانية، وتضم عدة حارات تشمل حارة بني دار والقزازين والشيخ والأكراد وغيرها.

أهم المعالم السياحية والتاريخية في الخليل

الحرم الإبراهيمي

يعتبر الحرم الإبراهيمي من أبرز المعالم السياحية والأثرية ذات القيمة الدينية العليا، كما أنه من أهم المنشآت المعمارية المرتبطة بمدينة الخليل. يقع في الجنوب الشرقي من المدينة الحديثة ويحيط به سور ضخم يدعى الحير، الذي تطلب بناءه حجارة كبيرة يبلغ طول بعضها أكثر من سبعة أمتار. يصل ارتفاع البناء في بعض الأماكن إلى ما يزيد عن 15 مترًا، ويُعتقد أن تاريخ السور يعود إلى فترة حكم هيرودوس الأدومي (37 ق.م – 9 م)، حيث شُيد فوق مغارة المكفيلة.

اشترى نبي الله إبراهيم مغارة المكفيلة من الحاكم عفرون بن صوحر الحثي، واستخدمها كمقبرة له ولعائلته. ورضي الله عنه، دفن فيها هو وزوجته سارة، وكذلك ابنه إسحاق وزوجته رفقة، وحفيده يعقوب وزوجته ليئة، كما أُقيم مقام سيدنا يوسف بن يعقوب بجوارهم.

كنيسة المسكوبية

تقع كنيسة المسكوبية في حديقة الروم الأرثوذكس غرب المدينة، وقد بُنيت في بداية القرن العشرين مستخدمةً الحجر، وتبلغ مساحتها 6002 متر مربع على أراضٍ مستقطعة بمساحة 70 دونمًا.

البلوطة المقدسية

تقع هذه الشجرة الضخمة بالقرب من كنيسة المسكوبية على جبل الجلدة، ويُعتقد أن عمرها يزيد عن خمسة آلاف سنة، ولا يسمح للزوار بالدخول إليها حفاظًا عليها.

بركة السلطان

تعود بركة السلطان إلى السلطان سيف الدين قلاوون الألفي الذي شيدها خلال فترة حكمه على مصر والشام. تقع في الجهة الجنوبية الغربية من المسجد الإبراهيمي، وتم بناءها باستخدام الحجارة المصقولة لتأخذ شكلًا مربعًا، حيث يبلغ طول ضلعها حوالي أربعين مترًا.

رامة الخليل

تضم الخليل العديد من المرافق السياحية والأثرية، ومن بينها رامة الخليل أو حرمة رامة الخليل، والتي كانت تقع في هذه المنطقة بلدة قديمة تُعرف باسم تربينتس. ويُقال إن إبراهيم عليه السلام قد أقام في هذه البقعة أكثر من مرة.

مدينة الخليل

تعد مدينة الخليل من أقدم المدن في العالم، حيث يعود تاريخها إلى القرن الأول الميلادي على الأقل، ويُعتقد أنها أقدم بعمر يقدر بحوالي 6000 سنة. على مر الزمن، غزاها العديد من الأمم مثل الرومان واليهود والصليبيين والمماليك، إضافةً إلى العثمانيين والبريطانيين، بينما قام الكنعانيون بتأسيسها في عصر البرونز.

تحمل الخليل أهمية دينية بارزة استنادًا لقدسيتها التاريخية، وتاريخها الذي يحمل معاني هامة على مر العصور وخصوصًا في الديانات الإبراهيمية الثلاث. تقع المدينة حاليًا في جنوب الضفة الغربية على هضبة ترتفع حوالي 940 مترًا عن سطح البحر، وتعتبر أكبر مدينة في الضفة الغربية، حيث يبلغ عدد سكانها نحو 215,000 فلسطيني. وقد عُرفت الخليل قديمًا بعدة أسماء، مثل قرية أربع (نسبة إلى جموع أربع قبائل كنعانية)، وحبرون التي تعني (التجمع والاتفاق).

Published
Categorized as تاريخ وجغرافيا