يُعرَّف الأمن الفكري بأنه مجموعة الإجراءات التي يجب على المؤسسات الاجتماعية إتباعها لبناء العقلية السليمة لدى الأفراد، من خلال ترسيخ القيم والمعتقدات التي توجه سلوكهم بما يعزز أمن المجتمع. يتم ذلك عبر تحصين الفكر وتفعيل القدرة على التمييز بين الصحيح والخاطئ في مختلف جوانب الحياة، مما يمكّن الأفراد من قبول أو رفض ما يتعرضون له من معطيات.
هذا المفهوم يتناقض مع الانحراف الفكري، الذي يُشير إلى سلوك غير سوي، والانحراف الجُرمي الذي يتضمن التطرف والغلو والإرهاب وأعمال القتل. يساهم الأمن الفكري في بناء نظام فكري وقيمي سليم، يوجه سلوك الأفراد ويقيهم من الفوضى والاضطراب الفكري، مما يساعدهم على تجنب الانزلاق نحو تصرفات غير مسؤولة في مواجهاتهم الحياتية.
تختلف الآراء في المذاهب السياسية بشأن تحديد جوهر الأمن الفكري، ولكن يمكن تلخيصها كما يلي:
في الدول الشيوعية، يشمل الأمن الفكري جميع الأنظمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ويتم توسيعه ونشره كفكر وعقيدة حتى باستخدام القوة إذا لزم الأمر.
أما في الدول الرأسمالية، فالأمن الفكري يتركز على الفكر السياسي والاقتصادي، حيث تُعتبر القيم الثقافية والاجتماعية جزءًا من الحريات الفردية التي لا تتدخل فيها الدولة.
يرى الإسلام أن الأمن الفكري يتجلى في تعاليم الدين وتعزيز الإيمان في النفوس، حيث يُعتبر الإسلام رسالة شاملة تتعلق بجوانب الحياة كافة.
توجد العديد من التحديات والعوائق التي تهدد الأمن الفكري، مما يتطلب تعزيز قيم الحوار والتعددية الثقافية، وتمكين الأسر من استخدام أدوات التربية الصحيحة، فضلاً عن استخدام وسائل الإعلام لمواجهة هذه التحديات. من أبرز هذه المعوقات ما يلي:
تتناول عدة نظريات في علم الاجتماع مفهوم الأمن الفكري، ويمكن توضيح هذه النظريات كما يلي:
يؤكد والتر بكلي أن الفرد لا يمكن أن ينفصل عن مجتمعه، فهما يتكاملان وفق مجموعة من الأنظمة في إطار تفاعل مستمر. وبالتالي، يمثل الأمن الفكري النسق الاجتماعي الذي يكتسب الفعالية والتغيير من الوسط الاجتماعي الذي يشكل الحراك المعرفي بكافة جوانبه.
يميز روبرت ميرتون بين القواعد الاجتماعية والثقافية كمحددات للإنتاج الفكري في المجتمع. حيث تعكس القواعد الاجتماعية مكانة الفرد، بينما تمثل القواعد الثقافية القيم والمبادئ والأفكار.
تعود هذه المدرسة أسباب الانحرافات الفكرية إلى الجوانب النفسية والعقلية للأفراد.
يربط هذا الاتجاه الأمن الفكري بعدة نظريات، من بينها الوصمة والثقافة الفرعية والتفكك الاجتماعي.
يربط هذا المفهوم الأمن الفكري بالتغيرات السريعة والمفاجئة في المجتمع، والتي قد تُفوق قدرة بعض الأفراد على التكيف، مما يعرضهم لخطر الانحراف الفكري والسلوكي.
أحدث التعليقات