الأضحية التي تُقدم عن الوالدين

الأضحية عن الوالدين خارج نطاق بيت الابن

يجوز تقديم الأضحية عن الوالدين اللذين يعيشان بعيدًا عن ابنهم، شريطة أن يتم تخصيص أضحية مستقلة لكل منهما، مع مراعاة شروط المشاركة في الأضحية. ويُعتبر هذا الفعل من أعظم صور البر، ولكن يجب إخبار الوالدين بذلك، حيث أن الأضحية تُعتبر عبادة والنية شرط أساسي لقبول أي عبادة. فإذا أراد شخص التضحية عن أحد والديه دون إذنه أو إنابته، لن تُعتبر تلك الأضحية قد أُديت عنه. فعلى سبيل المثال، إذا أحضر شخص ما شاة ينوي ذبحها عن والده، فإنه يتوجب عليه الحصول على إذن وموافقة والدهم لأداء تلك العبادة.

يمكن أن يكون ذبح الأضحية عن الغير مؤلمًا للعبد، حيث قد يشعر الشخص بالضعف أو يُعتبر ذلك معروفًا لا يقبل به. لذلك، يُفضل أن يستأذن الابن والده الحي قبل ذبح الأضحية، الأمر الذي يُعطي فرصة للوالد لتكوين النية بشأن تلك الأضحية.

الأضحية عن الوالدين داخل نطاق بيت الابن

اتفق معظم العلماء على أن أضحية الرجل عن نفسه وعائلته المقيمين معه تُعتبر كافية، مما يحصلون عليه من أجر سنة الأضحية. ويستند ذلك إلى حديث أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- عندما سُئل عن طريقة الأضاحي في زمن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، حيث بيّن أن الرجل كان يضحّي بشاة عنه وعن أهل بيته، فيتناولونها ويتشاركون فيها.

وقد اشترط المالكية لجواز ذلك أن يقيم أفراد الأسرة معه في نفس البيت. في هذا الشأن، أوضح الخرشي في شرحه لمختصر خليل بأن “إقامة الأفراد يجب أن تكون في حوزٍ واحد، كأن تكون ظروفهم مشابهة.” وأوضح أيضاً الرملي الشافعي أنه في حالة وجود جماعة تسكن في نفس البيت، فإن التضحية من قبل أحدهم كافية لجميعهم.

وصية الوالدين بالأضحية

إذا أوصى أحد الوالدين بعد وفاته بأن تُؤدى الأضحية عنه وكان لديه مال يكفي ثمنها، فإن أضحيته تُعتبر جائزة باتفاق الفقهاء، ويُعتبر الموصى إليهم ممثلين عن الوالد. وفي حال كانت الأضحية واجبة، مثل النذر، يُستوجب على الوارث تنفيذ ذلك من التركة قبل توزيعها على الورثة، حيث يُعتبر دين الله أولى بالتقيد.

وينبغي توزيع كافة لحم الأضحية الموصى بها على الفقراء، ولا يجوز للأشخاص الذين يولون تنفيذ الوصية أن يأكلوا منها، خصوصًا إن كانوا من أبنائه، كما يُحظر توزيعها على الجيران أو الأقارب الأغنياء ما لم تتم الإشارة إلى ذلك بشكل واضح في الوصية.

الأضحية عن الوالدين المتوفين

إذا لم يوصِ الوالدان بالأضحية، ورغب الوارث أو أي شخص آخر في التضحية لأحد الوالدين من ماله الخاص، فقد أشار الرأي العام إلى جواز ذلك كنوع من البر، حيث يعتبر الابن الصالح خير كسب لأبيه. ومع ذلك، فقد أبدى المالكية كراهتهم لتلك الممارسة، معتبرين أن الوفاة لا تمنع التقرب من الميت كما هو الحال في الصدقات أو الحج.

في المقابل، ذهب بعض الشافعية إلى عدم جواز الذبح عن الميت إلا بوصية أو وقف. وتُعزى هذه المسألة إلى القوانين المتعلقة بالتصدق عن الميت، حيث يرّجح العديد من العلماء جواز إعطاء الصدقة عن المتوفي وتُعتبر الأضحية صدقة كذلك.

وقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أن رجلاً قال له: “إن أمي قد توفيت، وأظن أنها لو كانت تتحدث لتصدقت، فهل لها أجر إن تصدقت عنها؟ فقال: نعم”. وهكذا، يُمكن للشخص أن يقوم بذبح الأضحية ويقول: هذه من أجل فلان المتوفى.

وفي هذا السياق، أشار النووي إلى أن “التصدق عن الميت ينفع الميت ويصل ثوابها إليه”، كما اتفق العلماء على وصول الدعاء وقضاء الدين، ويمكن أداء الحج عن الميت إذا كان ذلك في إطار حج الإسلام أو إذا أوصى بحج التطوع، ويعد هذا من الأصح في هذه المسألة.

Published
Categorized as إسلاميات