يعتبر الطيف الكهرومغناطيسي مجموعة من الموجات والجزيئات الكهرومغناطيسية التي تُطلق بترددات وأطوال موجية متنوعة. يتم تقسيم هذا الطيف إلى سبع مناطق مرتبة تنازلياً حسب طول الموجة وزيادة الطاقة والتردد. تشمل هذه الأشعة الكهرومغناطيسية الأشعة تحت الحمراء، والأشعة فوق البنفسجية، وموجات الراديو، إلى جانب الموجات الدقيقة المعروفة بأشعة الميكروويف.
الأشعة تحت الحمراء هي نوع من الأشعة الكهرومغناطيسية، والتي لا يستطيع الإنسان إدراكها بالعين المجردة؛ إذ أن العين البشرية قادرة فقط على رؤية جزء بسيط من الطيف الكهرومغناطيسي المتمثل في الضوء المرئي. ومع ذلك، يمكن الشعور بحرارتها. تُعتبر الأشعة تحت الحمراء إحدى وسائل نقل الحرارة، إلى جانب طريقتي الحمل والتوصيل. يتراوح طول موجات الأشعة تحت الحمراء بين 30 سم و740 نانومتراً، مما يجعلها تأتي بعد الضوء المرئي مباشرة وقبل الموجات الدقيقة. أما ترددها فيتقلب بين 3 جيجاهيرتز و400 تيراهيرتز تقريباً.
تنبعث الأشعة تحت الحمراء من أي جسم بدرجة حرارة تصل إلى -268 درجة مئوية، وكذلك من الشمس، حيث يُقدّر أن نصف الطاقة المنبعثة منها تتمثل في شكل أشعة تحت حمراء. بالإضافة إلى ذلك، يُنتج الضوء المرئي المنبعث من الشمس 90% حوالي كأشعة تحت حمراء، بينما يتم تحويل 10% فقط إلى ضوء مرئي بواسطة المصابيح المتوهجة.
تم اكتشاف الأشعة تحت الحمراء في عام 1800 بواسطة الفلكي البريطاني ويليام هيرشل. قام هيرشل بتجربة لقياس التغير في درجات الحرارة بين الألوان في الطيف المرئي، حيث استخدم أجهزة لقياس الحرارة في مسار الضوء لألوان الطيف المختلفة. ووجد أن هناك زيادة في درجة الحرارة عند الانتقال من اللون الأزرق نحو الأحمر، وفي الواقع، استمرت درجات الحرارة المرتفعة حتى بعد اللون الأحمر.
تتضمن التطبيقات العملية للأشعة تحت الحمراء العديد من الأجهزة والمعدات المستخدمة في المنازل، مثل محامص الخبز التي تعتمد عليها لتوليد الحرارة وتسخين الخبز. كما تُستخدم الأشعة تحت الحمراء في عناصر تحكم عن بُعد للتلفاز، حيث يستند الاتصال بين جهاز التحكم والتلفاز على هذه الأشعة. يتم إرسال البيانات في شكل نبضات من خلال نظام ثنائي، ويتم استقبالها بواسطة جهاز الاستقبال في التلفاز، مما يسمح للمعالج بتنفيذ الأوامر مثل تغيير القناة أو ضبط مستوى الصوت.
من الفوائد الكبرى للأشعة تحت الحمراء هو قدرتها على كشف مواقع الأجسام والتعرف عليها؛ حيث أن أي جسم على سطح الأرض ينبعث منه أشعة تحت حمراء على شكل حرارة. بإمكان استخدام حساسات إلكترونية مثل البولومتر للكشف عن هذه الأشعة، حيث يُستخدم هذا الجهاز في النظارات الليلية وبعض آلات التصوير. يتكون البولوميتر من تلسكوب وحساس حرارة داخلي، وعندما يدخل جسم دافئ ضمن مجال رؤية الجهاز، فإن الحرارة تؤدي إلى تغير في الفولطية، مما يتيح الكشف عن الأجسام.
تستخدم كاميرات الرؤية الليلية برمجيات متقدمة تعتمد على البولومتر، حيث تحتوي على جهاز CCD (التحكم بشحنة التصوير) الذي يمثل رقاقة تصوير حساسة للأشعة تحت الحمراء، وتحول الصورة الملتقطة إلى صورة يمكن عرضها كضوء مرئي. ويمكن تصميم هذه الأنظمة لتكون صغيرة الحجم لتستخدم في الأجهزة المحمولة أو نظارات الرؤية الليلية أو في فوهات البنادق لتسهيل الاصابة بالأهداف.
كما يستفيد العلماء في مجالات متعددة من الأشعة تحت الحمراء؛ إذ تُستخدم من قبل علماء الفلك لدراسة المجرات البعيدة، وتستخدم من قبل علماء الآثار لفحص القطع الأثرية والحفاظ على الأعمال الفنية والتاريخية. إضافةً إلى أنها تكشف تفاصيل دقيقة قد لا تستطيع العين البشرية ملاحظتها في الآثار واللوحات. ويظهر الاستخدام الصناعي للأشعة تحت الحمراء في تقييم الأنظمة الميكانيكية ورصدها.
رغم أن أجهزة التحكم عن بُعد التي تعمل بالأشعة تحت الحمراء قد استخدمت لأكثر من 25 عاماً، فإن هناك بعض السلبيات المرتبطة بطبيعتها؛ حيث يُقدّر مدى هذه الأجهزة بحوالى 10 أمتار، وتتطلب توجيهاً مباشراً ودقيقاً بين الجهاز واللاقط، مما يعني أن إشارة الأشعة تحت الحمراء لا يمكن أن تمر عبر الجدران أو تنحني حول الزوايا.
توجد مشكلات أخرى مرتبطة بالأشعة تحت الحمراء، مثل مشكلة التداخل؛ فهذا النوع من الأشعة واسع الانتشار، إذ يتواجد في أشعة الشمس، وينبعث أيضاً من جسم الإنسان والمصابيح الفلورية. لتجنب تداخل إشارات أجهزة التحكم عن بُعد مع مصادر الأشعة الأخرى، يتم ضبط جهاز استشعار الأشعة في التلفاز ليستجيب لطول موجي معين غالباً ما يكون 980 نانومتراً لتصفية الأطوال الموجية الأخرى.
على الرغم من ضبط أجهزة الاستقبال، لا يزال من الممكن أن تتداخل أشعة الشمس مع إشارة جهاز التحكم عن بُعد لأنها تشترك في نفس الطول الموجي. ولتعزيز هذه المسألة، يتم برمجة التحكم عن بعد لاستخدام ترددات غير متواجدة في أشعة الشمس، ورغم أن هذا الحل ليس مثالياً، إلا أنه يقلل بشكل كبير من حالات التداخل.
أحدث التعليقات