تشمل أركان الإيمان الستة الأساسيات الضرورية لعقيدة المسلم، وهي الإيمان بالله، والإيمان باليوم الآخر، والإيمان بالملائكة، والإيمان بالكتب المقدسة، والإيمان بالأنبياء. وقد تم توضيح هذه الأركان في الحديث المعروف مع جبريل -عليه السلام- حين سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الإيمان، فأجابه: (أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ).
كما ورد في سورة النساء آية تحذر من عواقب إنكار أركان الإيمان. إذ أن الكفر بأحد هذه الأركان، سواء بمجموعها أو فرديًا، يعد ضلالًا واضحًا، حيث قال -سبحانه وتعالى-: (وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيدًا).
يعتبر الإيمان بالله الركن الأول والأساسي من أركان الإيمان، كما جاء في قوله -تعالى-: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ). وهذا الإيمان يشكل جوهر الدين الإسلامي، حيث يُركز القرآن الكريم على تثبيت هذا الإيمان من خلال الحديث عن صفات الله وأفعاله، بالإضافة إلى توحيده ونبذ أي عبادة مُوجهة لغيره.
يُشير الإيمان باليوم الآخر إلى يوم القيامة، وهو من أهم أركان الإيمان، حيث يُذكر في العديد من الآيات بجانب الإيمان بالله. قال -تعالى-: (مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ). وسُمِّي بالآخر لأنه اليوم الذي لا يأتي بعده يوم، ومن أسمائه المعروفة يوم البعث ويوم الدين ويوم التغابن. ويدل الإيمان بهذا اليوم على التصديق بكل الأحداث المرتبطة به كما نصت عليها النصوص القرآنية والسنة، مثل البعث والحشر والجنة والنار.
الإيمان بالملائكة هو الركن الثالث من أركان الإيمان ويعني التصديق الثابت بأن الملائكة هي مخلوقات مخلوقة من قبل الله -تعالى-. قال -تعالى-: (مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ). الملائكة مخلوقات مكرمة، لا تتزوج ولا تنام، وقد خُلقت لطاعة الله وعبادته. عددها لا يُحصى، ومنهم من أعلمهم الله بأسمائهم كجبريل ومالك ورضوان وإسرافيل -عليهم السلام-، بينما استأثر بأسامي آخرين بعلمه.
الإيمان بالكتب يعني التصديق بكل الكتب التي أنزلها الله -سبحانه وتعالى- على رسله من الأنبياء. هذه الكتب تحتوي على كلماته التي هي حق بلا شك، وقد أخبر الله -تعالى- رسولَه -عليه الصلاة والسلام- ببعض منها وأخفاها لحكمة معينة. قال -تعالى-: (مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ).
وتشتمل الكتب المذكورة في القرآن الكريم على خمس، وهي: صحف إبراهيم -عليه السلام-، والتوراة التي نزلت على سيدنا موسى -عليه السلام-، والزبور الذي أُنزِل على سيدنا داود -عليه السلام-، والإنجيل الذي نزل على سيدنا عيسى -عليه السلام-، والخاتم بينها هو القرآن الكريم، الذي أُنزل على النبي محمد -عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم-، وقد نُسخت جميع الكتب السابقة بظهور القرآن، حيث يُعتبر النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- خاتم الأنبياء، والقرآن خاتم الرسالات.
يشمل الإيمان بالأنبياء الاعتراف بأنهم مخلوقات من خلق الله -تعالى-، وهم عباد له لا يمتلكون لأنفسهم نفعًا أو ضرًا، وهم بشر يعيشون ويتألمون كغيرهم من المخلوقات، ولا يُعتبر فيهم أي صفة من صفات الألوهية. قال -تعالى-: (مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ).
الأنبياء هم صفوة الله من خلقه، الذين اختارهم وأرسلهم برسالاته ليُبلغوا ما أوحي إليهم، وقد استغرب الناس من إرسال رسول من بين البشر، فأجابهم الله -تعالى- بقوله: (أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ).
يشير الإيمان بالقدر إلى الاعتقاد بأن كل ما خلقه الله -تعالى- في هذا الكون هو بحساب وتدبير، حيث لا يوجد موجود إلا وقبل وجوده قد قُدّر له ما سيكون عليه. فكل شيء قد كُتب له منذ الأزل، قال -تعالى-: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ).
وعلم الله شامل لكل ما كان وما سيكون، لذا يجب الإيمان بالقدر خيره وشره، ولا يجوز للمؤمن الاعتراض على الشر أو السخط منه، فهو اختبار وابتلاء من الله -تعالى-.
أحدث التعليقات