زوجة أبي لهب هي أم جميل، أروى بنت حرب بن أمية، التي كانت تُعتبر من أبرز الشخصيات في المجتمع القرشي. تجدر الإشارة إلى أنها كانت شقيقة أبي سفيان، أحد زعماء قريش. ذُكرت في سورة المسد كمثال على الزوجة التي تساند زوجها في الكفر، على الرغم من عدم ذكر اسمها بشكل صريح. تربطها صلة نسب مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم، حيث إنها زوجة عم النبي، وقد ارتبطت عائلتيهما بشكل وثيق، إذ كان ابناها، عتبة وعتيبة، متزوجين من ابنتي النبي، رقية وأم كلثوم. كما كانت جارتها، حيث أن منزليهما كانا قريبين من بعضهما، مما كان له أهمية خاصة في النظام الاجتماعي في الجاهلية والإسلام.
تميزت أروى بنت حرب بن أمية بسمعة سيئة، حيث اتسمت بطبع خبيث ولسان سليط، وكانت تدعم زوجها في الكفر والجحود. وكانت تسعى لنشر النميمة والفتنة بين الناس، مما أثر سلباً على الروابط الاجتماعية في المجتمع.
وفقاً للروايات الإسلامية، عُرفت أم جميل بمحاولاتها لإيذاء النبي وأصحابه. كانت تحمل الأشواك والحسك وتضعها في طريق النبي لتؤذيه. وفي حادثة مشهورة، حاولت رمي حجر على النبي بينما كان يجلس مع أبي بكر عند الكعبة، ولكن الله أعمى بصرها فلم تتمكن من رؤيته. وعندما سألت أبا بكر عن موقع النبي، أخبرها أنه بعيد عنها. وقد أبدت استيائها لأنها سمعت أن رسول الله قد ذكرها بسوء، وكانت تنوي إيذاءه لو وجدته، لكن الله حمى نبيه منها. كما كانت لها قلادة ثمينة حلفت أن تبيعها وتستخدم ثمنها في إيذاء الرسول، إلا أن الله عوضها بحبل من مسد، في إشارة إلى عقوبتها في الآخرة.
لم تتوقف أروى عند هذا الحد، بل حرضت ابنيها عتبة وعتيبة على تطليق ابنتي الرسول. وقد استجابا لرغبتها وطلقا ابنتيه. وعندما خرج عتيبة لمواجهة النبي، قام بإهانته ثم طلق ابنته أم كلثوم، مما دعا النبي للدعاء عليه قائلاً: (اللهم سلِّطْ عليه كلبًا مِن كلابِكَ فقتَله الأسدُ) [حسن].
انتهت حياة أم جميل وفقاً لأفعالها. ففي أحد الأيام، بينما كانت تحمل حزمة من الأشواك لتضعها في طريق النبي، استراحت لبعض الوقت. وفي لحظة من الزمن، انقطعت الحزمة التي كانت تحملها وسقطت، مما أدى إلى اختناقها. وكأنما كانت تلك النهاية تتناسب مع أعمالها، إذ أن الله تعالى عاقبها بشكل يتماشى مع شرورها، حيث كانت نهايتها بحبلٍ من نار.
أحدث التعليقات