التعبير المجازي يُعرف بأنه استخدام الكلمات في غير معناها المباشر، وتجسد هذه الظاهرة من خلال الربط بين صفات أو مفاهيم متباينة، مثل مقارنة الوجه الجميل بالشمس، أو تشبيه الرجل الشجاع بالأسد. على سبيل المثال، يُقال عن خالد بن الوليد أنه كان يسير بالنصر معه، حيث إن كلمة “سار” هنا تشير إلى الحركة، ولكن النصر في الواقع ليس كائنًا متحركًا، بل الفكرة هنا تعني أن النصر كان دائم الارتباط بك خالد بن الوليد في كل معاركه.
يُعتبر المجاز أحد الأدوات التعبيرية الفعالة في الشعر، حيث يحتوي على تشبيهات واستعارات وصور تعبر عن حقائق ملموسة بطريقة رمزية. اللغة العربية تعتبر في جوهرها لغة مجازية، حيث تمكنت من تجاوز حدود الصور الملموسة إلى المفاهيم المجردة، مما يسمح للمتلقي بفهم المعاني بشكل سريع عند سماع التشبيهات.
تتضمن أنواع التعبير المجازي ما يلي:
التشبيه هو مقارنة شيء بشيء آخر في صفة أو أكثر، بحيث يُطلق على الشيء الأول اسم المشبه، والشيء الثاني اسم المشبه به، مع وجود وجه للشبه بينهما. أداة التشبيه قد تكون الكاف أو غيرها. على سبيل المثال، يُوصف نسيم الهواء اللطيف كأنه يُداعب أوراق الشجر. ومن أشهر التعبيرات المجازية في الشعر، قول الشاعر عنترة بن شداد:
بسيفٍ حدهُ يزجي المنايا
وَرُمحٍ صَدْرُهُ الحَتْفُ المُميتُ
هنا، قام عنترة بتصوير حد السيف وكأنه يحمل الموت أمامه، وهي فكرة مجازية تعبر عن قوة سيفه، حيث يُظهر قدرته الفائقة على الإيذاء.
الاستعارة تتضمن تشبيهًا يُحذف فيه أحد الطرفين، أي إما المشبه أو المشبه به. وهناك نوعان للا استعارة:
تُحذف فيها صورة المشبه به، ويُشار إليه من خلال شيء مرتبط به. قال الشاعر أبو ذؤيب الهذلي:
وإذا المنيَّةُ أنْشَبَتْ أظفارَها
ألفَيتَ كُلَّ تميمةٍ لا تَنفَعُ
فهو هنا يشبه الموت بالحيوان الذي يُنشب أظافره، مع حذف هذا الحيوان والإشارة إليه عن طريق شيء من صفاته، وهو الأظفار.
تُحذف فيها صورة المشبه، ويُذكر المشبه به بشكل صريح. يقول ابن هندو:
فأمطرت لُؤلؤًا من نرجسٍ وسَقَت
وردًا وعَضَّت على العُنَّاب بالبَردِ
هنا يشبه الشاعر الدموع باللؤلؤ، والعيون بالنرجس، وكذلك الخدود بالورد، مما يُظهر غنى التعبير المجازي في اللغة.
الجناس يعبر عن تشابه بين لفظين مع اختلاف معانيهما، وهو مقسم إلى نوعين:
يحدث عندما تتشارك الكلمتان في جميع خصائصهما من حيث الشكل والنوع والترتيب. مثال ذلك، قوله تعالى: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ ۚ كَذلكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ}، حيث تكررت كلمة “الساعة” في السياق ذاته. ومن نماذج الجناس في الشعر:
فلا عفا الله عن مروان ملمة
لكن عفا الله عمن قال آمين
يحدث عندما لا تتطابق شروط الجناس التام. مثال على الجناس الناقص هو الآية القرآنية: {وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ*إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ}، حيث الكلمات “الساق” و”المساق” تتشابه في نوع الحروف، لكنها تختلف في عددها ومعناها. ويقول أحد الشعراء:
فبت أسر البدر طورا حديثها
وطورا أناجي البدر أحسبها البدرا
أحدث التعليقات