في عام 1768، بدأ علي بك في تعزيز سلطته في مصر، وذلك في أعقاب فترة من الصراع الطويل بين الدولة العثمانية وروسيا استمرت لمدة ثمان سنوات. خلال تلك الفترة، استغل علي بك انشغال الجيش العثماني بالحرب وغيابه عن مصر، حيث قام بالتواصل مع الوالي العثماني، محمد باشا، مطالبًا بعدم إرسال أي والي جديد لمصر.
بعد ذلك، أعلن علي بك توقف مصر عن تنفيذ القرار العثماني الذي يقضي بتحويل إيرادات الضرائب المصرية سنويًا إلى مكة والمدينة. هذا القرار أغضب الأستانة، حيث اعتُبر تمردًا واضحًا على سلطة الباب العالي. وفيما بعد، أعلن علي بك بشكل رسمي عن استقلال مصر عن العثمانيين، وأصدر قرارًا بصك عملة وطنية تحمل اسمه.
خلال القرن السادس عشر، تمكّنت الدولة العثمانية من إقامة هيمنتها العسكرية على بلاد الشام ومصر في ختام الحرب العثمانية المملوكية بين عامي 1516 و1517. إذ أسست الدولة العثمانية إيالة في مصر استمرت حتى عام 1867، حيث كانت الإيالة تُعتبر من أكبر الوحدات الإدارية والعسكرية في تنظيم الجيش العثماني.
كافحت مصر لمواجهة الهيمنة العثمانية لكونها كانت محصنة بنفوذ المماليك، الذين كانوا يمتلكون موارد وقدرات تمكنهم من إدارة البلاد وحمايتها سياسيًا وجغرافيًا. بدأت الحملة العثمانية بقيادة خاير بك، والي حلب، الذي تولى ولاية مصر. حيث أمر بإلغاء النظام الإقطاعي للمماليك، وبدأ بتوريد محصول القمح إلى مكة والمدينة وصرف الأموال الناتجة من الضرائب، كما عيّن جنودًا لحراسة أسوار القاهرة والقلعة العثمانية.
توجهت بعدها الولاية إلى أحمد باشا في عام 1522، الذي أعلن السلطنة في مصر ولكن قُتل بعد عامين من توليه. تبعه الوزير إبراهيم باشا، الذي أسس أول حكومة عسكرية عثمانية، وقام بتقسيم مصر إلى أربع عشرة محافظة تسيرها ضباط عثمانيون.
بعد فتح مصر عام 1517 على يد السلطان سليم الأول، عمل على الحفاظ على القوى المملوكية بدلاً من القضاء عليها، للاستفادة من خبراتهم في إدارة البلاد وقوتهم العسكرية لدعم الباشا العثماني في قمع التمردات. وهذه التدابير ضمنت الولاء العثماني لمصر.
قبل مغادرته لمصر، عيّن السلطان سليم خاير بك حكماً على مصر، الذي ساعد العثمانيين في مواجهة المماليك. ضمن السلطان بقاء الحامية العثمانية تحت إشراف القادة العثمانيين، وشكل مجلسًا لمساندة خاير بك في إدارة البلاد، ما ساعد في تعزيز السيادة العثمانية.
بعد مغادرة السلطان سليم، منح خاير بك الأمان للمماليك الهاربين، واستعادهم عبر دعوات للانضمام إلى القوات وشراء الأسلحة، مما ساهم في تصرفهم كمنافسين للانكشارية والسباهية. وقد أُرسلت بعضهم إلى الأناضول، مما ساهم في تحقيق توازن بين قدرات الطرفين في مصر. كانت المنافسات والفتن بين المماليك والانكشارية تفشي بشكل مستمر.
أحدث التعليقات