في أواخر حياته، كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتمنى أن يُرزق شهادةً في سبيل الله. وكان من بين دعواته: “اللهم ارزقني شهادة في سبيلك، وموته في مدينة رسولك”. ذات يوم، أثناء خطبته في الناس، شاركهم برؤيا رآها في منامه، حيث رأى كأن ديكًا يقرصه نقرتين. شعر عمر بأن هذه الرؤيا تنذر بقرب أجله، فطلب منه الحضور لاستخلاف بديل، موضحًا نيته في جعل الأمر شورى بين ستة من أصحاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم، الذين توفي وهو راض عنهم.
اتخذ عمر رضي الله عنه قرارًا بعدم إدخال أي شخص بالغ إلى المدينة كسبية. في يوم من الأيام، طلب المغيرة بن شعبة، والذي كان والياً على الكوفة، الإذن لإرسال غلام له بارع في الحِرَف، مشيرًا إلى مهاراته في الحدادة والنجارة التي قد تعود بالنفع على المسلمين. وافق عمر على ذلك، وأرسل المغيرة الغلام إلى المدينة، وفرض عليه خراجًا قدره مائة درهم. جاء هذا الغلام، الذي كان يُعرف بـ “أبو لؤلؤة المجوسي”، إلى عمر ليشكو له من شدة الخراج المفروض عليه، لكن رد عمر كان أن هذا المبلغ ليس مرتفعًا. غادر أبو لؤلؤة غضبان، وعندما استدعاه عمر مجددًا، سأله عن قدرته على صنع رحى تعمل بالطاقة الهوائية، فأجابه أبو لؤلؤة بتعبير متجهم بأنه سيصنع رحى “يتحدث بها الناس”، مما حذر عمر من أن الغلام قد يكن له عداء.
بينما كان عمر رضي الله عنه يستعد لأداء الصلاة مع الناس، وعندما قال “الله أكبر” لبدء الصلاة، تقدم إليه أبو لؤلؤة المجوسي وطعنه بخنجره ثلاث طعنات، إحداها كانت تحت سرته. تمكن عمر رضي الله عنه من الإمساك بيد عبد الرحمن بن عوف ليؤم الناس بدلاً منه، ورغم نزيف جرحه، أفاق واكتشف أنه يمكنه إتمام الصلاة. بعد أن أدرك حقيقة قاتله، حمد الله لأنه لم يمت على يد مسلم، بل على يد شخص لم يسجد لله سجدة واحدة. طلب عمر رضي الله عنه من السيدة عائشة الإذن بدفنه بجوار النبي صلى الله عليه وسلم، وقد وافقت على ذلك. بعد وفاته، غسله ابنه عبد الله، ثم صلى عليه المسلمون، وحُمل إلى قبره بجانب رسول الله، حيث شارك في دفنه عبد الله، وعثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف. توفي عمر بن الخطاب رضي الله عنه في السنة الثالثة والعشرين للهجرة، عن عمر يناهز ثلاثة وستين عامًا، وقد كانت مدة خلافته عشر سنوات، وستة أشهر، وخمسة ليالٍ.
أحدث التعليقات