استراتيجية التعلم الذاتي: كيفية تعزيز التعلم المستقل وتحقيق النجاح الشخصي

مفهوم استراتيجية التعلم الذاتي

التعلم الذاتي، المعروف أيضًا بالتعلم الموجه ذاتيًا (بالإنجليزية: Self-Directed Learning ويختصر بـ SDL)، يُمثل عملية يتولى فيها المتعلمون مسؤولية تعلمهم، سواء بمساعدة شخص آخر أو بشكل فردي. يتضمن ذلك تحديد احتياجاتهم التعليمية، وضع أهداف مناسبة، تحديد مصادر التعلم (البشرية والمادية)، اختيار وتطبيق استراتيجيات التعلم الملائمة، ومن ثم تقييم نتائج تعلمهم.

في هذا السياق، يعرف أحمد اللقاني التعلم الذاتي بأنه الأسلوب الذي يعتمد على جهد المتعلم الشخصي والذي يتماشى مع قدراته الفردية وسرعته، من خلال استخدام الموارد التعليمية المنوعة التي توفرها التكنولوجيا، مثل المواد المُبرمجة، ووسائل التعليم، والفيديوهات، والبرامج التلفزيونية، والمحتويات الصوتية، بغرض الوصول إلى مستويات أفضل من النمو وتحقيق أهداف تربوية محددة.

من جهة أخرى، يعتبر كيج يبرلينر (Berliner) أن التعلم الذاتي هو عملية تهدف إلى تعزيز قدرة الطالب على تحمل مسؤولية تعلمه، مما يساعده في أن يصبح متعلمًا مستقلًا، سواء من خلال التوجيه المباشر أو غير المباشر من المعلم، مع التركيز على تزويد المتعلم بأساليب تفكير متنوعة وتعزيز استقلالية العمل الذهني.

الأهداف الأساسية للتعلم الذاتي

يهدف التعلم الذاتي إلى تحقيق مجموعة من الأهداف، منها:

  • تمكين الطلاب من البحث عن المعلومات من مصادر متنوعة، واستخدام استراتيجيات متعددة لتحقيق أهدافهم، مما يعزز قدرتهم على عرض أفكارهم بطرق مختلفة.
  • تحقيق تجربة تعلم تعكس إيجابية ونشاط المتعلم مع الأخذ بعين الاعتبار خصائصه الفردية.
  • تشجيع التعلم الذاتي على توفير خيارات تعلم متعددة ومصادر يحتاجها كل متعلم، مما يُمكنه من استثمار طاقاته وفقًا لقدراته ورغباته.
  • تحفيز الطلاب على الفضول واستعدادهم لتجربة أشياء جديدة، مما يجعلهم ينظرون إلى المشكلات كتحديات، ويستمتعون بعملية التعلم.
  • التركيز على الفردية لدى المتعلم في الدراسة، مع التأكيد على إمكانية التعاون مع المجموعات.
  • إتاحة الفرص للمتعلم لتحمل مسؤولية تعلمه من خلال ممارسة أنشطة متنوعة بما يتناسب مع قدراته.
  • تمكين الطلاب من تنمية مهاراتهم وتطوير نمط القيادة الذي يرغبون بتحقيقه.
  • إكساب الفرد مهارات وعادات التعلم المستمر، حيث يعتمد على نفسه في متابعة تعليمه.
  • تنظيم الخبرات والمواد التعليمية بما يسمح بتقدم كل طالب وفقًا لقدراته.
  • تشجيع المتعلمين على أن يصبحوا أفرادًا نشطين اجتماعيًا.

عناصر عملية التعلم الذاتي

تشمل عملية التعلم الذاتي عدة مكونات، منها:

الإدارة والمراقبة

المكون الأساسي هو الإدارة والمراقبة. تحت إشراف المعلم، يحدد الطلاب أهداف التعلم التي يسعون لتحقيقها، بالإضافة إلى الإطار الزمني اللازم. بمجرد وضع الأهداف، يقوم الطالب بتحليل نقاط قوته وضعفه، بالإضافة إلى التحديات التي قد تعترض طريقه، مع تقديم المرشد والدعم من المعلم خلال تلك العملية.

تقييم احتياجات التعلم

العنصر الثاني يتعلق بتقييم احتياجات التعلم. يجب على الطلاب تقييم احتياجاتهم أثناء التقدم، بالإضافة إلى تحديد الموارد التي يحتاجون إليها، والتي قد تكون مواد تعليمية أو دعم من المعلم أو مزيجًا بينهما. في هذه الحالة، يقدم المدرسون المساعدة اللازمة للحصول على تلك الموارد.

التعاون

التعاون يعد عنصرًا حيويًا في عملية التعلم الذاتي. حيث يعمل الطلاب مع أقرانهم في الصف أو مع طلاب من مستويات دراسية أخرى، أو حتى مع بالغين في المجتمع، مما يُثري تجربتهم بالمعرفة والخبرة اللازمة لتحقيق أهدافهم التعليمية.

التقييم الذاتي

يأتي التقييم الذاتي في النهاية، حيث يتعين على الطلاب التفكير في نتائج عملية التعلم بعد الانتهاء من المهمات المحددة، واستقبال تقييمات من زملائهم والمعلم لتحديد المجالات التي تحتاج لتحسين.

الخطوات الأساسية في تطبيق التعلم الذاتي

لإنجاح عملية التعلم الذاتي، ينبغي اتباع أربع خطوات رئيسية:

تقييم الاستعداد للتعلم

لضمان نجاح تجربة التعلم الذاتي، يجب أن يتمتع المتعلم بمهارات مختلفة. تتضمن هذه الخطوة إجراء تقييم ذاتي لمستوى الطالب، وعاداته الدراسية، وظروفه الأسرية، بالإضافة إلى تقييم تجارب التعلم الذاتي السابقة للحصول على رؤى أكثر وضوحًا حول مهارات التعلم. يجب على المتعلم أيضًا أن يتعرف على علامات الاستعداد، مثل النزعة للاستقلال والتنظيم والقدرة على التواصل الفعّال وقبول الانتقادات البناءة.

تحديد أهداف التعلم

تتطلب هذه المرحلة وجود قنوات تواصل إيجابية بين المتعلم والمعلم، حيث يتفق الطرفان على الأهداف المقررة. يجب أن يُعد المعلم مجموعة من الأسئلة الإرشادية للطلاب لمساعدتهم في تحديد أهدافهم التعليمية، مع ضرورة وجود فهم واضح للأهداف بين الجانبين كعقد للتعلم يتضمن ما يلي:

  • تحديد أهداف الوحدة الدراسية.
  • تحديد الأنشطة التعليمية وتسلسلها.
  • وضع جدول زمني لإنجاز الأنشطة المحددة مسبقًا.
  • تحديد الموارد التعليمية لكل هدف.
  • تحديد الإجراءات المتبعة.
  • وجود تقييمات وتغذية راجعة لكل هدف يتم تحقيقه.
  • تخطيط للاجتماعات مع المعلم الموجه والمرشد.
  • الاتفاق على سياسات معينة، مثل طرق التعامل مع تأخيرات الإنجاز.

الانخراط في عملية التعلم

يحتاج الطلاب إلى فهم ذواتهم كمتعلمين للتمكن من التعرف على احتياجاتهم. قد يكون مفيدًا توجيههم إلى الموارد التعليمية المفضلة لدى المعلم لدعم تجربتهم التعليمية.

تقييم عملية التعلم

لضمان النجاح في التعلم الذاتي، يجب على الطلاب أن يكونوا قادرين على الانخراط في التفكير التأملي والتقييم الذاتي لمدى تقدمهم في تحقيق أهداف التعلم.

Published
Categorized as أفكار لتطوير الذات