الوعي يتواجد داخل العقل وليس مرتبطًا بالعمر، فالعمر يُعتبر مجرد مقياسٍ لأيامنا، بينما العقل يمثل النتاج الفكري وفهمنا للحياة. عندما يُفقد العقل، يصبح الفرد تابعًا لأفكار الآخرين، مما يجعل من الضروري الاعتناء بتنميته. وهذا يتوافق مع أول أمرٍ إلهي جاءنا من الله سبحانه وتعالى وهو “اقرأ”، حيث يأتي هذا الأمر بمرتبةٍ أعلى من باقي العبادات لما له من تأثيرٍ عميقٍ على حياة الفرد والمجتمع.
أظهرت أبحاث علم الأعصاب المعرفي أن العقل يقوم بتنظيم المعلومات التي يتلقاها، ويشكل نماذج عصبية تمثل هذه المعلومات، مما يمكّن الشخص من استدعائها عند الحاجة. هذه الآلية في معالجة البيانات تساهم في تعزيز التفكير الإيجابي لدى العقل، مما يزيد من فعاليته وسرعته في التعرف على المحفزات والتفاعل معها. ومع ذلك، قد تظهر محدودية في أداء العقل نتيجة التمسك بهذه النماذج، مما يعيق الإبداع ويحد من قدراته.
العقل البشري هو الأساس لتحمل المسؤولية عن عمارة الأرض، لذا يجب على الإنسان العمل المستمر على تعزيز قدرات عقله، واستغلال طاقاته للخير ولرفع مستواه في الحياة. لا ينبغي الوقوف مكتوفي الأيدي أو الانجرار وراء أوهام وأساطير غير منطقية، لأن العقل قادر على تطوير ذاته استنادًا إلى التجارب التي يخوضها الفرد.
توجه القراءة، الذي كان بداية نزول القرآن الكريم، يمثل وسيلة لإخراج الناس من ظلمات الجهل إلى نور العلم. القراءة تنمي العقل وتفتح آفاقه، مما يساهم في تمييز الإنسان بين الحقائق والباطل، بين النافع والضار. وعندما يُهمل العقل، تصبح الأمور مُعقدة، مما يصعب عملية التمييز. عبر طلب العلم، يتعرف الإنسان على حقائق الأشياء ومعانيها، ويصل إلى إدراك عظمة الله وصفاته الكاملة. في حال عدم سعي الإنسان للعلم، يبقى في ظلام الجهل بعيدًا عن الحقائق.
يتميز العقل البشري بقدرته الفائقة على النمو والتجدد، ولكنه يحتاج إلى وسائل تعزز ذلك، وأحد أهم هذه الوسائل هو القراءة بمختلف مجالاتها، حيث يفتح الكتاب الآفاق ويحرر الأفكار من القيود. كما أن ممارسة ألعاب الذكاء والتفكير تُساهم في إكساب العقل تجارب جديدة وتوسيع دائرة معارفه. الحوار مع ذوي الخبرة والاستفادة من تجاربهم أيضًا يعد من العناصر الأساسية لتنمية القدرات العقلية.
أحدث التعليقات