اخشى الله بحسب قدرتك

فاتقوا الله بقدر استطاعتكم

أوصى الله سبحانه وتعالى عباده في القرآن الكريم بتقواه، أي من خلال طاعته والخوف من عذابه والابتعاد عن المعاصي وفق ما يستطيعون، حيث قال -عليه السلام-: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ). نزول هذه الآية جاء بعد قوله -سبحانه-: (اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ)، مما يشير إلى أنها تخفيف على المسلمين. والمراد من هذه الآية هو أن يلتزم المسلم بتقوى الله -عز وجل- بحسب قدرته وجهده، وفي حال تقصيره بعذر في أي وقت فلا إثم عليه، ويجب أن يكون سلوكه ضمن إطار شريعة الله -تعالى- وتمتنع عن كل المنكرات والمحرمات، وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (دَعُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، إنَّما هَلَكَ مَن كانَ قَبْلَكُمْ بِسُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيءٍ فَاجْتَنِبُوهُ، وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ)، وهنا يظهر وجوب ترك المنكرات بوضوح.

التقوى تعني الطاعة المستمرة لله -عز وجل- من خلال اتباع أوامره والابتعاد عن ما حرم. وقد وردت كلمة التقوى في قوله -تعالى- بشكل عام: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ)، مما يبرز أهمية استمرار التقوى حتى الموت. وقد قُيِّدت بالتقوى في آيات وأحاديث أخرى فيما يتعلق بالاستطاعة في باب المأمورات. أما فيما يخص المنهيات، فقد جاء الأمر بالترك إلا في حالات وجود رخصة شرعية، كالإكراه كما في قوله -تعالى-: (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ). ونقل الإمام أحمد أنه يُعد ارتكاب المحرمات أكبر من الإخلال بالمأمورات، حيث أن المأمورات مرتبطة بالاستطاعة بينما المنهيات لا.

رابط بين آية “اتقوا الله حق تقاته” وآية “فاتقوا الله ما استطعتم”

تعددت آراء المفسرين حول مفهوم التقوى في قوله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ حَقَّ تُقَاتِهِ). فقد فسرها طاووس والحسن وقتادة بأنها تعني الطاعة لله دون عصيانه. وشدد السُدّيّ على طاعة الله وعدم نسيانه وشكره وعدم الكفر به. كما ذكر ابن عباس أن التقوى هي الجهاد في سبيل الله حق الجهاد، وإقامة العدل دون المخافة من لوم اللائمين. وعندما نزلت هذه الآية، وجد الصحابة -رضوان الله عليهم- أنها صعبة، فرفعوا الأمر إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- قائلين: من يستطيع ذلك؟ فأنزل الله قوله: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ). حيث قال مُجاهد أن هذه الآية تُنسخ الآية الأولى، بينما قيل أيضاً أنها توضح مفهومها من خلال الجمع بين الآيتين، مما يدل على أن تقوى الله الحقة تتطلب عدم ترك أي شيء مما طلبه وعدم فعل ما نها عنه.

أساليب تحقيق تقوى الله

هناك عدة وسائل يمكن من خلالها تحقيق التقوى، ومنها:

  • الالتزام بأوامر الله -تعالى- والابتعاد عن نواهيه.
  • إنشاء حاجز بين الشخص وبين المحرمات ليحمي نفسه ويبتعد عنها.
  • المحافظة على أحكام الله -عز وجل- والالتزام بطاعته في جميع جوانب الحياة.
  • تفادي الكبر، والاعتراف بالتقصير، وطلب المغفرة من الله -تعالى-.
  • الإحسان إلى الآخرين، وكثرة الاستغفار في أوقات السحر.
  • الإنفاق على المحتاجين، وأداء صلاة القيام، وتذكر الله في قوله: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ* آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ* كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ* وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ* وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلْسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ).
Published
Categorized as إسلاميات