احذر عواقب الإساءة من شخص كنت قد أحسنت إليه

من هو القائل “اتق شر من أحسنت إليه”؟

تعد عبارة “اتق شر من أحسنت إليه” من العبارات الشائعة بين الناس، ولكنها ليست آيةً من القرآن الكريم ولا حديثاً نبويًّا، كما يعتقد البعض. ومصدر هذه المقولة غير مؤكد، ولكنها قد تكون من أقوال بعض السلف، وهو ما أشار إليه كتاب “كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس”.

فهم مقولة “اتق شر من أحسنت إليه”

تقتصر هذه المقولة على بعض الفئات من الأفراد، ولا تجسد قاعدة عامة تسري على الجميع، حيث إنها مستندة إلى تصرفات الأشخاص الذين يتسمون باللؤم دون غيرهم.

وقد أشار الإمام السخاوي في كتابه “المقاصد الحسنة” إلى ذلك، حيث قال: “اتق شر من أحسنت إليه من اللئام”، محدداً بذلك الفئة المستهدفة بهذه الحكمة. وقد أكد معظم علماء الدين على هذا المعنى.

أدلة تدعم مقولة “اتق شر من أحسنت إليه”

هناك العديد من الأدلة في القرآن الكريم، إلى جانب أمثال وأقوال شعراء وعلماء، والتي تدعم هذه المقولة. وفيما يلي بعض من هذه الأدلة:

  • قال تعالى: {وَمَا نَقَمُوا إِلا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ}، وقد أشار الإمام القرطبي في تفسيره إلى أنَّ هذه الآية تعكس معنى مقولة “اتق شر من أحسنت إليه”.
  • من الأمثال التي تُعتبر إشارة إلى هذه المقولة: “سمِّن كلبك يأكلك”.
  • نشر المتنبي في إحدى قصائده قائلاً:

إِذا أَنتَ أَكرَمتَ الكَريمَ مَلَكتَهُ

:::وَإِن أَنتَ أَكرَمتَ اللَئيمَ تَمَرَّدا

قصة تتماشى مع مقولة “اتق شر من أحسنت إليه”

تناقلت العديد من القصص التي تعكس معنى هذه العبارة، ومن الأمثال المتداولة التي تدل على نفس المعنى: “من يصنع المعروف في غير أهله يلاقي كما لاقى مجير أم عامر”.

روى الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور لعبد الله بن الربيع الحارثي قائلاً: “إني وأنت يا عبد الله مثلُ مجيرِ أمِّ عامر”. فوجّه إليه عبد الله بن الربيع السؤال عن قصة مجير أم عامر.

فقال أبو جعفر المنصور: “يحكى أنه في يوم من الأيام خرج مجموعة من العرب للصيد في البرية، وبينما هم يبحثون، لم يجدوا سوى ضبع أنثى، والتي تُعرف بأم عامر. حاولوا الإمساك بها، لكنها هربت، وطاردها هؤلاء العرب حتى لجأت إلى خيمة أعرابي.”

في يوم حار، رأى الأعرابي أن أم عامر قد استجارته، فآواها وأطعمها، وقام بحماية القوم من محاصرتها حتى استعادت قوتها. غير أن الأعرابي غادر خيمته ذات يوم تاركًا أخاه نائماً، فأقدمت أم عامر على مهاجمته وقتلته قبل أن تهرب. وعندما عاد الأعرابي ووجد أخاه ميتاً، أنشد قائلاً:

ومن يصنعِ المعروفَ في غيرِ أهله

:::يلاقي الذي لاقى مجيرُ أمِّ عامرِ

أذمَّ لها حين استجارتْ برحله

:::لتأمن ألبانَ اللقاح الدرائرِ

فأسمَنها حتَّى إذا ما تكلمت

:::فَرَته بأنيابٍ لها وأظافرِ

فقل لذوي المعروف هذا جزاء من

:::أراد يدَ المعروفِ من غير شاكرِ

Published
Categorized as معلومات عامة