حثّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في العديد من الأحاديث على ضرورة التّحلي بالوعي والحذر من دعوة المظلوم. ومن بين تلك الأحاديث، قوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (اتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ، فإنَّهَا ليسَ بيْنَهَا وبيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ). والرسالة من كلمة (اتّقِ) تتضمن تجنّب دعوة المظلوم، بالإضافة إلى ضرورة حماية الذات من الوقوع في مثل هذه الدعوات. كما أراد النبي -صلّى الله عليه وسلّم- من خلال أحاديثه التي تحذّر من دعوة المظلوم، أن يحمل معنى عميقاً، وهو النهي عن الظّلم، الذي يعتبر سبباً في استجابة دعاء المظلوم على من ظلمه. لذا، يتوجّب على المسلم، لتفادي التعرض لدعوة المظلوم، الامتناع عن جميع أشكال الظلم، والسعي لتحقيق العدل في تصرفاته.
أباح الإسلام لمن تعرّض للظلم أن يدعو على ظالمه، استناداً إلى قوله -تعالى-: (وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ* وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا). وأيضاً قوله -تعالى-: (ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ اللَّـهُ). كما استند الإمام مالك وعدد من العلماء إلى قوله -تعالى-: (وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَـئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ) لدعم وجهة نظرهم. ومع ذلك، يُفضل ترك الدعاء على الظالم، حيث يتيح ذلك للمظلوم استعادة حقه وكسب أجره الكامل في الآخرة.
تتجلى أسباب استجابة دعوة المظلوم في نقطتين رئيسيتين، وهما:
أحدث التعليقات