يجب على المسلم أن يتحلى بالحذر لئلا يتجاوز حدوده من خلال الإعتداء على الآخرين، سواء كانت هذه الإعتداءات على الأعراض أو الأموال أو الأرواح. إن كل ما يملكه المسلم معصوم، وهذا ما حرص رسول الله عليه في خطبته بحجّة الوداع عندما قال:
(فإنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ، وَأَمْوَالَكُمْ، وَأَعْرَاضَكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا). وقد أوصاهم بعد ذلك أن يبلغوا هذه الوصية إلى الغائبين، فمن اعتدى على أخيه المسلم بشيء من ذلك فقد ظلَمه، وهذا الظلم إثم عظيم لارتباطه بالعباد.
أنزل الله الآيات التي تشير إلى عقوبة من يرمي النساء المُحصنات، المؤمنات العفيفات، حيث قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ). فقد لعن الله هذه الفئة وهددهم بالعذاب في الدارين.
وقد حدد عقوبتهم في الدنيا بثمانين جلدة، ولا تُقبل لهم شهادة أبدا. واعتبر رسول الله القذف من السبع الموبقات، حيث قال: (اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ، قالوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، وَما هُنَّ؟) ومن بينهن: (وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلَاتِ).
يُعد اتهام الناس في نواياهم ومقاصدهم من أحد أخطر آفات اللسان. فليس الأمر مقتصراً على ذلك، بل يتعداه إلى تصنيف الناس وتقسيمهم إلى أحزاب لا تنتمي إليهم. وقد قال رسول الله: (إنِّي لَمْ أُومَرْ أنْ أنْقُبَ عن قُلُوبِ النَّاسِ ولَا أشُقَّ بُطُونَهُمْ).
وقد حذر الله -تعالى- من الوقوع في اتهام الناس بنواياهم قائلًا: (وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَىٰ إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا). فطالما لم يُعلن الآخر عن مراده، فإن الحكم على نيته يُعد افتراءً.
حرّم الله -عزّ وجلّ- الحديث عن الناس في غيابهم بما يُسيء إليهم، كما يُحرَّم الحوار الذاتي فيما يخصهم بطريقة تضرهم. وقد وردت آيات وأحاديث تنهي عن ذلك، ومن الآيات قوله -تعالى-: (اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ).
ومن أحاديث رسول الله ما رواه أبو هريرة حيث قال: (إيَّاكُمْ والظَّنَّ، فإنَّ الظَّنَّ أكْذَبُ الحَديثِ). والمقصود بذلك هو الحديث الذي يتبناه الفرد في نفسه، بينما الخواطر الوافدة لا تحمل إثمًا بإجماع العلماء.
وقد وصف السمرقندي البهتان بالقول: لا يوجد ذنب أعظم منه. كذلك، اقترن الله بينه وبين الكفر في قوله -تعالى-: (فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ). كما اعتبر النووي البهت حرامًا، وعدّه الهيتمي من الكبائر. وعليه، يجب على المسلم أن يتحقق من الأخبار التي يسمعها، خصوصاً لو كانت من فاسق، لكي لا يكون قد صدقها واعتبرها كاذبة حين ينقلها، مما يؤدي إلى التوبة بعد ذلك.
أحدث التعليقات