اتركوها لأنها تنبعث منها رائحة كريهة

اتركوها فإنها منتنة

شرح عبارة “فإنها منتنة”

يشير أهل الحديث إلى أن معنى كلمة “منتنة”، كما ورد في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: “دعوهَا، فإنّها مُنتِنَةٌ”، يتجلى في ذم العصبية القبلية التي تنفر منها التعاليم الشرعية. فكما يجب على الفرد الابتعاد عن كل ما هو منتن، يجب أيضًا عليه أن يتجنب أي دعوة للعصبية، فهي من الكلمات الخبيثة التي تتعارض مع مبادئ الإسلام. إن الأصل هو عدم الاستجابة لمثل هذه الدعوات مهما كانت الأسباب.

دعوة للتخلي عن العصبية القبلية

واجه الإسلام العصبية القبلية في العديد من النصوص، سواءً من القرآن الكريم أو السنة النبوية، وذلك لما تحمله من تفرقة بين صفوف المسلمين. ولقد أظهرت هذه النصوص أن التقوى هي معيار التفاضل عند الله -تعالى-، كما ورد في قوله: “إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير”. جَاء الإسلام ليؤكد على مبدأ المساواة بين جميع الأفراد، بغض النظر عن أعمارهم أو ألوانهم، فنقض بذلك العصبية القبلية التي كانت سائدة في عصر الجاهلية، حيث كان ينصر فيها أفراد القبيلة بعضهم البعض ضد المعتدين، مما يؤدي إلى تأجيج الفتن بين القبائل أو الدول.

كما كان يُلاحظ أن بعض القبائل كانت تعتقد بأنها أرقى من غيرها، مما يجعلها ترفض مشاركة الآخرين في تقاليدهم، وأحيانًا تتجنب أداء بعض العبادات المشتركة مثل مناسك الحج. يعتبر هذا النوع من التمييز ظلمًا بحد ذاته، كما ينص القرآن: “وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان”. إذًا، يجب على المسلم ألا يتجه نحو العصبية القبلية، بل يجب أن يكون نصيره لإخوانه المسلمين وفقًا للحق، فإذا كان أحدهم ظالمًا يحق له استرداد حقه، وإذا كان مظلومًا يُعاد له حقه، ولا يجب أن يتبنى الفرد باطل قبيلته أو وطنه.

جاء الإسلام ليُلغي أشكال التعصب كافة، لأن ذلك يتعارض مع دعوات الأنبياء للوحدة واللجوء إلى التعاليم الدينية في حياتهم. لذا، ينبغي أن يكون استغاثة المسلم ونداؤه للدين الإسلامي وليس للقبيلة. ويُذكر أنه قد حدث خلاف بين المهاجرين والأنصار في المدينة، بينما كان النبي -صلى الله عليه وسلم- حاضرًا. فقد كان كل طرف ينادي على قبيلته، مما دفع النبي إلى قول: “ما بال دعوى الجاهلية؟”، فنهاهم قائلاً: “دعواها، فإنها منتنة”.

أسباب محاربة الإسلام للعصبية القبلية

تتعدد الأسباب التي دفعت الإسلام لمقاومة العصبية بكل أشكالها، منها:

  • تعتبر العصبية أحد عوامل تدمير الدين والمجتمع، وتُساهم في تفريق الناس، وتتناقض مع دعوات الأنبياء التي تدعو إلى الوحدة والتآلف.
  • تُعتبر العصبية من خصال أهل الجاهلية، وتسهم في إشعال الفتن والصراعات، وتورث الكراهية والحقد.
  • تعبر العصبية عن اتباع الباطل والابتعاد عن التمسك بالحق.

كيف نقض الإسلام العصبية القبلية

تجاوز الإسلام العصبية بجميع أشكالها من خلال تأكيده على المساواة بين جميع البشر، مُعتبرًا التقوى والعمل الصالح معايير التفاضل، كما ورد في قوله: “إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير”. وقد استبدل هذه العصبية بمبادئ التسامح والمحبة، كما في قوله: “إنما المؤمنون إخوة”. ألغى الإسلام التفاخر بالنسب أو الجنس، معززًا قيم التعاون على البر والتقوى، ومحذرًا من التعاون على الإثم والعدوان، كما ينص القرآن: “وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان”.

Published
Categorized as معلومات عامة