يُعدّ عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب، واحداً من أبرز الصحابة والفقهاء في التاريخ الإسلامي. أسلم في بدايات الدعوة عندما شهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو يحلب شاة، ووجد أن الحليب يتدفق منها رغم كونها حائلاً. أدرك ابن مسعود أن ذلك كان بركةً من النبي، فتبع الرسول وآمن به. لقد كان له دورٌ كبير في نشر الدعوة، حيث عُرف بروايته للأحاديث النبوية، إذ رواها عن النبي ما يقدّر بنحو 848 حديثاً. كما شهد غزوة بدر وشارك في الهجرتين، وكان من المرافقين للنبي -صلى الله عليه وسلم- في مسيرته.
تحتلّ مكانة ابن مسعود في المجتمع الإسلامي مكانةً بارزة، حيث يعتبر أول من جهر بتلاوة القرآن الكريم في مكة، مُقابل المشركين، في خطوة تهدف إلى إغاظتهم. ففي أحد الأيام، كان جالساً مع مجموعة من الصحابة يتناقشون حول إمكانية سماع المشركين لبعض آيات القرآن، وكانوا يرغبون في اختيار شخص من ذوي الجاه والنسب الذي يحميه من انتقام قريش. ومع ذلك، انتاب ابن مسعود شعور قوي لكي يتصدى لهذه المهمة، على الرغم من محاولات أصدقائه لإقناعه بخلاف ذلك. وفي صباح اليوم التالي، وقف عند مقام الكعبة وبدأ بتلاوة سورة الرحمن، مما أثار حفيظة المشركين الذين انهالوا عليه بالضرب حتى شوهوا وجهه. وبعد أن انصرفوا عنه، جاء أصدقاؤه لتهدئته، لكنه لم يشعر بالندم على ما فعله، وأبدى رغبته في تكرار هذا الفعل، لكن رفقاءه نَهَوْه عن ذلك.
توفي عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- في السنة الثانية والثلاثين للهجرة، وتم دفنه في البقيع. ومن أشهر أقواله قبل وفاته: “ما ندمت على شيءٍ ندمي على يومٍ غَرُبت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي”، وأيضاً قال: “فمن أحبّ القرآن فهو يحبّ الله؛ فإنّما القرآن كلام الله”.
أحدث التعليقات