أبو الوفاء علي بن عقيل بن محمد بن عقيل، عالمٌ بارز وُلد في عام 431 هجري وتوفي عام 513 هجري. يُمنح ابن عقيل الحنبلي لقب شيخ الحنابلة، ويُعرف بمؤلفه الشهير “كتاب الفنون”، الذي يعد من أعظم المؤلفات في التاريخ بمجموعه الذي يتجاوز 400 مجلد. يتضمن هذا الكتاب مواضيع عديدة مثل الوعظ، التفسير، الفقه، علاوةً على اللغة، النحو، الشعر، الحكايات، بالإضافة إلى المناظرات التي شارك فيها وأفكاره المميزة. درس ابن عقيل الفقه على يد عدد من العلماء البارزين، بما في ذلك القاضي أبو يعلى، بينما استقى علم الكلام من علي بن الوليد وأبي القاسم بن التبان.
كان العلّامة ابن عقيل البغدادي الظفري الحنبلي نموذجاً حياً للذكاء والمعرفة الفائقة، فلم يكن له نظير في عصره. حيث وُصف بأنه كان من الصعب مواجهته بسبب غزارة معرفته، تماماً مثل بلاغة لسانه وقدرته الفائقة على إلقاء الحجج القوية. تمتع بخصال إيجابية، كان إمام عصره، حافظاً للحدود، متحلياً بالصبر والكرم. وبعد وفاته، لم يترك من تراثه سوى ملبسه وبعض كتبه، وقد شيع جنازته حشد غفير من الناس، حتى قيل إن عددهم بلغ حوالي ثلاثمائة ألف شخص.
يرى ابن عقيل الحنبلي أن الوقت من أعظم الأمور في حياة العقول الناضجة، حيث يعتبره ثروة قيمة وموارد باهظة. كان متعهدًا لاستثمار كل لحظة، مؤمناً بضرورته للاستفادة من الوقت وعدم إضاعته، إذ كان شغفه محصوراً في طلب العلم واستكشاف الحقائق الدقيقة. ولم يكن يقبل بأن تذهب ساعة من عمره سُدى بلا علم أو مطالعة. حتى أثناء فترات الراحة، كان يحفز عقله على التفكير. لم يتغير هذا المبدأ لديه سواءً في سن العشرين أو الثمانين. تجلى أهمية الوقت لديه بشكلٍ واضح من خلال تفضيله تناول الكعك مع الماء بدلاً من الخبز، الذي يحتاج وقتًا أطول للمضغ والبلع، مما يُتيح له استغلال الوقت في القراءة والكتابة.
أحدث التعليقات