هو أبو بكر محمد بن مسلم بن عبد الله بن شهاب الزهري، الذي ينتمي إلى قبيلة بني زهرة بن كلاب. ويعتبر تابعي بارز من المدينة المنورة، وأحد أعلام العلوم الشرعية في الحجاز والشام. يُعد الزهري من أبرز الفقهاء والحفاظ، حيث كان له دور ريادي في تدوين الحديث النبوي الشريف. فقد حفلت كتب الحديث الستة بالعديد من الأحاديث المروية عنه. عُرف عنه حرصه على التقاط الأحاديث، إذ كان يتجول في المدينة وهو يحمل الصحف والألواح ليقوم بكتابة ما يسمعه. في هذا المقال، سنستعرض بعض المعلومات المهمة حول ابن شهاب الزهري.
وُلد ابن شهاب الزهري في نهاية فترة حكم الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، تحديدًا في عام ثمانٍ وخمسين للهجرة، وهو العام الذي شهد وفاة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
نشأ ابن شهاب الزهري في بيئة فقيرة، لكنه كان شغوفًا بطلب العلم. وقد رافق عددًا من صغار الصحابة مثل: سهل بن سعد الساعدي و أنس بن مالك رضي الله عنهما. كما حظي بمعاشرة كبار التابعين مثل: عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب. في مرحلة لاحقة، انتقل الزهري إلى الشام، حيث التقى بالخليفة عبدالملك بن مروان، الذي أبدى إعجابه بعلمه، وخصص له راتباً من أموال الدولة. وبعد وفاة الخليفة عبد الملك، بقي الزهري قريبًا من الخلفاء الأمويين في الشام، كوليد بن عبد الملك وعمر بن عبد العزيز، الذي قال عنه: “عليكم بابن شهاب، فإنه لا يوجد أحد أعلم بالسنة الماضية سواه”. تولى ابن شهاب العديد من المناصب أثناء حكم الخلفاء الأموية، بما في ذلك منصب القاضي الذي أسنده إليه يزيد، وكذلك منصب تعليم أولاد الخليفة هشام بن عبد الملك.
نال ابن شهاب الزهري إشادة واسعة من كثير من العلماء، حيث فضَّله البعض على أعلام عصره. فقد قال الصحابي الجليل أنس بن مالك: “ما أدركت فقيهاً محدثاً غير واحد، فقيل له: من هو؟ فقال: ابن شهاب الزهري”. وأثنى الشافعي على علمه بقوله: “لولا الزهري لذهبت السنن من المدينة”.
شملت قائمة تلاميذ الزهري عددًا كبيرًا من العلماء، وخاصة في مجال الحديث النبوي، مثل الخليفة عمر بن عبد العزيز، وعطاء بن رباح، وقتادة بن دعامة، على الرغم من أن هؤلاء كانوا أكبر منه سناً. أما بالنسبة لزملائه الذين تتلمذوا على يديه، فكانوا كثرًا مثل صالح بن كيسان ومنصور بن المعتمر. وقد روى عنه العديد من العلماء منهم: يحيى بن سعيد الأنصاري، ومنصور بن معتمر، وعراك بن مالك وغيرهم.
توفي ابن شهاب الزهري بعد حياة حافلة بالإنجازات العلمية، وذلك في عام مئة وأربع وعشرين للهجرة، عن عمر يناهز خمسة وسبعين عامًا. وقد أوصى بدفنه على قارعة الطريق حتى يدعو له كل من يمر من ذلك المكان. قيل إنه دُفن في شغب، آخر حدود الحجاز وأول حدود فلسطين.
أحدث التعليقات